ثار بركان هايلي غوبي الإثيوبي بعد 12 آلاف عام، مطلقًا أعمدة ضخمة من الرماد امتدت نحو البحر الأحمر، موجهة تأثيراتها نحو سلطنة عمان واليمن. هذا الحدث يسلط الضوء على المخاطر الكبيرة للرماد البركاني، الذي يتكوَّن من شظايا صخرية حادة وزجاج بركاني، ويتميز بصلابته؛ ما يجعله مختلفًا عن الرماد الناعم الناتج عن الحريق.
ويُشكل الرماد البركاني تهديدًا للبشر والحيوانات والبنية التحتية، فهو قادر على إتلاف المحركات، وإغلاق الطرق، وإتلاف المحاصيل، كما يمكن أن يسبب مشاكل تنفسية للإنسان عند استنشاقه.
ووفقًا لموقع "ناشونال جيوغرافيك" قد تصل جسيمات الرماد البركاني الدقيقة إلى مسافات بعيدة، مثلما حدث في ثوران تشيتين 2008، حين امتدت سحب الرماد إلى الأرجنتين على مسافة 1000 كيلومتر.
ويحذر الخبراء من أن الثورات البركانية الانفجارية لا تقتصر على إطلاق الرماد فحسب، بل يمكن أن تولّد تدفقات بركانية سريعة تتلف كل ما في طريقها. كما أن الرماد قد يتفاعل مع الأمطار، ليصبح أثقل ويشكل خطر انهيار الأسطح والمباني، كما حدث مع بركان بيناتوبو عام 1991.
ويمكن للثورانات الانفجارية أيضًا أن تنتج تدفقات بركانية سريعة من الرماد والغازات والصخور، قادرة على تدمير المباني وجرف الأشجار. كما تقلل سحب الرماد من الرؤية وتظلم النهار، وقد تولد صواعق بركانية نتيجة شحن الجزيئات كهربائيًّا. كما يمكن للثورانات الكبيرة أن تصل إلى الستراتوسفير؛ ما يعكس الأشعة الشمسية ويخفض درجات الحرارة العالمية، كما حدث بعد ثوران جبل تامبورا عام 1815، والذي تسبب في ما عرف بـ "عام بلا صيف".
ويشكل الرماد البركاني خطرًا كبيرًا على الطيران؛ فالجزيئات الصلبة قد تتلف محركات الطائرات، كما حصل أثناء ثوران إيافيالايوكل في آيسلندا 2010؛ ما أدى إلى إلغاء 100,000 رحلة وتكبد خسائر بلغت 2.6 مليار دولار. كما يمكن أن يضر بالبنية التحتية، ملوثًا المياه والكهرباء وشبكات الصرف والنقل.
ويهدد الرماد صحة الإنسان والحيوان، مسببًا مشاكل في التنفس وخدوشًا للعين والجلد، ويحتوي أحيانًا على غازات سامة، مثل: ثاني أكسيد الكربون والفلورين، وقد يؤدي استنشاق كميات كبيرة إلى الاختناق، وهو السبب الأكثر شيوعًا للوفاة من الثورات البركانية. كما يتسبب الرماد في تلف المحاصيل وموت الحيوانات.
وأظهرت الأقمار الصناعية التي تراقب ثوران هايلي غوبي أعمدة ضخمة من الرماد وانبعاث كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكبريت؛ ما يؤكد قوة الثوران واستمراريته. وبما أن المنطقة نائية وقليلة السكان، تظل البيانات الفضائية المصدر الأساسي لمتابعة الوضع وتأثيراته المحتملة على المناطق المحيطة.
يستمر العلماء والسلطات في إثيوبيا والمناطق المجاورة بمراقبة البركان عن كثب، لتقييم المخاطر وتقديم التوجيهات اللازمة للسكان. ويعتبر هذا الثوران تذكيرًا واضحًا بالقوة الهائلة للثورانات البركانية وأهمية الاستعداد لمواجهة آثارها، خصوصًا فيما يتعلق بالرماد الذي يشكل تهديدًا بيئيًّا وصحيًّا واقتصاديًّا كبيرًا.