اختتم في واشنطن مؤتمر إيران الحرة ٢٠٢٥، الذي جمع حشدًا متنوعًا ومتعدد الأجيال تحت شعار موحد: "الطريق إلى جمهورية ديمقراطية مزدهرة في إيران، خارطة الطريق لإنهاء الحكم الديني، خطة للمستقبل".
استضاف الحدث البارز الذي استمر يومًا واحدًا أكثر من ١٠٠٠ من الأكاديميين، والناشطين، والمهنيين، وقادة الجالية الإيرانية من جميع أنحاء الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عدد من ضحايا النظام وناشطين قدموا رؤى مباشرة حول الانتفاضات الأخيرة.
ركز المؤتمر، الذي انعقد في وقت حاسم تتلاقى فيه أزمات النظام الإيراني الداخلية وتهديداته الخارجية، على آفاق تغيير النظام والانتقال إلى جمهورية ديمقراطية، علمانية، وغير نووية في إيران.
الكلمة الرئيسية للسيدة مريم رجوي
في كلمة رئيسية قوية، أعلنت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، أن النظام وصل إلى مرحلته النهائية، مشيرةً: "جميعنا نرى أن حكم الملالي وصل إلى المرحلة النهائية من شتائه... قاعدته الاجتماعية تآكلت، وهو ضعيف ومنهك وعاجز من كل الزوايا".
وأشارت إلى "الحالة المتفجرة للمجتمع الإيراني"، ووصفَت احتجاجات "العمال، والمعلمين، والممرضات، والمتقاعدين" بأنها "نهر جارف يتدفق بلا هوادة نحو إسقاط النظام الديني".
أدانت السيدة رجوي "سياسة الاسترضاء" التي زعمت أنها "عرقلت الطريق أمام التغيير الديمقراطي"، مؤكدةً على موقفها الثابت بـ"الخيار الثالث: إسقاط النظام من قبل الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة".
ووحدّدت رؤيتها لإيران ما بعد الحكم الديني، مشددةً على أن خطة المجلس الوطني للمقاومة تتمحور حول: جمهورية ديمقراطية، انتخابات حرة، فصل الدين عن الدولة، المشاركة المتساوية للمرأة في القيادة السياسية، والحكم الذاتي للقوميات الإيرانية. وأكدت أن الهدف هو إعادة السيادة للشعب، مفصّلة خطة لتشكيل حكومة مؤقتة لمدة ستة أشهر لتنظيم انتخابات مجلس تأسيسي.
• جلسات النقاش المتخصصة
تمحور برنامج المؤتمر حول خمسة نقاشات متخصصة، قدم كل منها منظورًا متعدد الأبعاد لضرورة التغيير:
1.المجتمع الناضج للتغيير: أظهر الخبراء، ومنهم الدكتور كاظم كازرونيان (الذي أشار إلى أن ٨٠٪ من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر)، أن الانهيار الاقتصادي ليس نتيجة العقوبات بل "أداة للقمع والنهب"، وأن النظام يعاني من "مشكلة تأسيسية أساسية: عدم الشرعية". أكدت الدكتورة أشرف زادشير أن الانتفاضات المتتابعة (بدءاً من ٢٠١٧ وصولاً إلى "ثورة الجيل" في ٢٠٢٢) حطمت سردية النظام، وأثبتت دخول إيران في "حالة دائمة من التحدي"، مدعومة بأكثر من ٣٩ ألف عمل تحدٍ قامت به وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق في العام الماضي.
2.المرأة الإيرانية وإرث المقاومة: أكدت الجلسة على أن المرأة أصبحت "القوة الحاسمة" في الحركة الديمقراطية. وأشارت الدكتورة أزادة سامي إلى أن كراهية النظام للمرأة و"الفصل العنصري بين الجنسين" دفع النساء نحو المقاومة المنظمة، حيث قدمت منظمة مجاهدي خلق "إطارًا قياديًا تحرريًا" وضع النساء في أدوار استراتيجية. كما تم التأكيد على أن مبدأ الحركة هو: "لا للحجاب القسري، لا للدين القسري، لا للحكومة القسرية."
3.قوة الشباب في قيادة التغيير: ركزت الجلسة على "جيل زد" (Gen-Z) الإيراني باعتباره "المحرك المركزي" للحركة. أكد المشاركون أن استراتيجية الخوف فشلت، وأن وحدات المقاومة هي "قلب هذا الحراك النابض"، وتعمل على كشف ضعف النظام. وأشار سينا سعيديان إلى أن الشباب يطالبون بتغيير النظام بدلاً من الإصلاح الفاشل، وأن المجلس الوطني للمقاومة ومنظمة مجاهدي خلق هما "الحركة الوحيدة التي تُلبي المعايير" كبديل ديمقراطي وموثوق.
4.مسار التغيير والخطة الانتقالية: أكد الخبراء، ومنهم الدكتور بهزاد رؤوفي، على أن "الاستراتيجية الواقعية الوحيدة لإسقاط هذا النظام هي من خلال القتال والإطاحة به" عبر انتفاضات واسعة النطاق مدعومة بوحدات المقاومة. ورفضت فريدة صديقي مخاوف الحرب الأهلية باعتبارها "دعاية للنظام"، مؤكدةً على جاهزية المجلس الوطني للمقاومة، الذي يمتلك تاريخًا يمتد ٤٤ عامًا و٢٥ لجنة تعمل كـ"حكومة ظلّ منتظرة".
• الشخصيات الدولية
تضمن المؤتمر فقرة دولية رفيعة المستوى تضمنت كلمات من شخصيات أمريكية وبريطانية بارزة:
•مايك بومبيو (وزير الخارجية الأمريكي السابق): أعلن أن النظام الإيراني "ضعيف" و"معزول دوليًا" و"يفتقر إلى الشرعية الشعبية"، وأن سقوطه "أمر مؤكد" سيُفرض بـ"المقاومة الداخلية". رفض بومبيو بشدة فكرة "لا يوجد بديل"، وحدد المجلس الوطني للمقاومة كبديل جاهز تمامًا لـ"حكومة مزدهرة، ديمقراطية، وشعبية".
•جون بيركو (رئيس مجلس العموم البريطاني السابق): وصف النظام بأنه "دولة فاشلة" و"مقالة طويلة في الهمجية"، مؤكدًا أن قادته "لا يمكن إصلاحهم. يجب إزالتهم". وشدد على أن "البديل الأصيل والشرعي" هو منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة، رافضًا بشكل قاطع "أي ابن للشاه"، ووصفه بأنه "شخص عاش حياة ترف وابتعد بمهانة" عن أفعال والده.
•السفيرة كارلا ساندز (سفيرة أمريكا السابقة لدى الدنمارك): أيدت المجلس الوطني للمقاومة باعتباره "الحكومة المنتظرة" و"الممثل الشرعي لكفاح الشعب الإيراني"، مؤكدة أن "الشعب الإيراني رفض الديكتاتورية قبل ٤٦ عامًا تحت حكم الشاه، ولن يعود إليها... إيران لن تستبدل عمامة بتاج".
• حوارات متميزة
تضمن المؤتمر أيضًا حوارين متميزين مع علماء إيرانيين بارزين حول إعادة بناء الأمة، حيث ناقش الدكتور مرتضى غريب والدكتور حسين صادق بور تسخير إمكانات إيران العلمية الهائلة وتأكيدهم القاطع على رفض الشعب الإيراني لكل من الحكم الديني الحالي وأي عودة إلى الديكتاتورية الماضية، وأن الجمهورية الديمقراطية العلمانية هي المسار الوحيد للمضي قدمًا.