ما تزال محافظة الحديدة غربي اليمن، تدفع ثمناً باهظاً لسنوات الحرب المزروعة بالموت، إذ تحوّلت الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي إلى كابوسٍ يوميٍّ يلاحق السكان المدنيين، ويُهدد حياة الأطفال والنساء في القرى والطرقات والمزارع.
ووفقاً لإحصائية صادرة عن بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA)، فإن حوادث الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب أودت بحياة وإصابة 31 مدنياً في المحافظة منذ مطلع العام 2025 وحتى نهاية سبتمبر/أيلول، بينهم نحو 46% من النساء والأطفال.
ضحايا مدنيون وحوادث متكررة
تُظهر البيانات الأممية أن 18 مدنياً لقوا حتفهم، فيما أُصيب 13 آخرون بإصابات متفاوتة الخطورة جراء 24 حادثة انفجار لمخلفات الحرب في سبع مديريات بالمحافظة الساحلية.
وتصدّرت مديرية حيس قائمة المديريات المتضررة بواقع 6 حوادث، تليها بيت الفقيه والتحيتا بخمس حوادث لكل منهما، ثم الدريهمي والحالي بثلاث حوادث في كل واحدة، فيما شهدت الخوخة والمنصورية حادثة واحدة لكل منهما.
وتكشف الإحصاءات أن الأطفال والنساء يشكّلون 46% من إجمالي الضحايا، بواقع 11 ضحية، بينهم 6 أطفال (منهم فتاة) وامرأة قضوا في الانفجارات، إلى جانب 4 مصابين بينهم 3 أطفال وامرأة.
وتُعدّ الحديدة واحدة من أكثر المحافظات اليمنية تلوثاً بالألغام ومخلفات الحرب، وفق تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية. وتشير البيانات إلى أن المحافظة سجلت خلال الأعوام الثلاثة الماضية سقوط 542 ضحية مدنية، بينهم 204 قتلى و338 جريحاً، شكّل الأطفال والنساء 40% من إجمالي الضحايا.
وتتركز غالبية الحوادث في القرى والمناطق الزراعية التي أعاد السكان إليها الحياة بعد سنوات النزوح، حيث زرعت الميليشيات الحوثية آلاف الألغام بأشكال وأحجام مختلفة، بعضها على هيئة صخور أو ألعاب أطفال أو عبوات بلاستيكية يصعب تمييزها.
خطر دائم وحياة مشلولة
يقول سكان محليون إن الألغام الحوثية "حوّلت الحديدة إلى سجن كبير"، حيث يعيش الناس في خوف دائم من الانفجارات المفاجئة أثناء تنقلهم أو أثناء عملهم في المزارع والطرقات الريفية.
ووفق تقارير فريق الأمم المتحدة في الحديدة، فإن عدداً من الضحايا سقطوا أثناء جمع الحطب أو رعي الأغنام أو نقل المياه، في مشاهد مأساوية تتكرر منذ سنوات.
بدورها المنظمات الإنسانية والأممية تجد نفسها أمام تحدٍّ متزايد في ظل محدودية الإمكانات وصعوبة الوصول إلى مناطق ملوثة. ويحذر خبراء ميدانيون من أن استمرار انتشار الألغام سيُبقي آلاف الأسر عرضةً للخطر لسنوات طويلة، ما لم تُمنح فرق نزع الألغام حرية الحركة الكاملة والدعم الفني الكافي.
ويرى مراقبون أن تحييد الألغام وإزالتها يمثل شرطاً أساسياً لإعادة الإعمار وإعادة الحياة الطبيعية إلى مناطق الساحل الغربي، خاصة وأن الحديدة ما تزال بؤرةً حرجةً للأزمات الإنسانية في اليمن.