تتصاعد شكاوى المواطنين والنازحين في مديرية المظفر بمحافظة تعز من تفشي الفساد والعشوائية في أعمال اللجان المجتمعية المسؤولة عن تسجيل وتوزيع المساعدات الإنسانية، وسط غياب تام للرقابة والشفافية وتنسيق الجهود بين المنظمات الإغاثية العاملة في المدينة.
وأكدت مصادر محلية وحقوقية أن معظم اللجان المجتمعية في أحياء المديرية متورطة في العبث بالمواد الإغاثية، وتمارس أعمالًا يغلب عليها التحيز والمحاباة وسوء السلوك، في ظل غياب الذمة والضمير.
فوضى التوزيع وتكرار الحالات
تشير التقارير إلى أن عملية تسجيل المستحقين للإغاثة تتم بصورة ارتجالية وانتقائية، نتيجة لعدم امتلاك المنظمات قاعدة بيانات دقيقة تحدد الفئات الأشد احتياجًا، مما أدى إلى تكرار صرف الإغاثة لنفس الحالات أكثر من خمس مرات، في حين تُحرم أسر أخرى تمامًا من أي مساعدة.
ويقول مراقبون إن غياب التنسيق بين المنظمات أدى إلى تشتيت الجهود وضياع كميات كبيرة من المساعدات، بينما تستمر المعاناة في الأحياء التي لم تشملها برامج التوزيع.
تعتيم وغياب الشفافية
يصف ناشطون الوضع الإغاثي في مظفر تعز بأنه "مغلق ومعتم"، إذ لا تُنشر أي بيانات رسمية حول كميات المساعدات الواردة ولا آليات توزيعها.
وأكدت مصادر أن بعض اللجان تمنح كميات مضاعفة وأصنافًا جديدة لأشخاص محددين، بينما تحرم أحياء كاملة من حقها في الإغاثة، دون مبرر أو معايير واضحة.
فساد ممنهج وتورط جهات محلية
مصادر مطلعة تحدثت عن فساد كبير في تسجيل وتوزيع الإغاثة الإنسانية داخل المديرية، داعية الأجهزة الرقابية في المحافظة إلى فتح تحقيق عاجل في تلك الممارسات، التي حولت المساعدات إلى مصدر كسب غير مشروع.
وطالبت منظمات المجتمع المدني بتشكيل فرق رقابة ميدانية مستقلة للتحقق من نزاهة فرق التوزيع، مشيرة إلى أن الفساد القائم حرم آلاف الأسر من الغذاء والدواء، فيما ذهبت المعونات إلى جيوب الفاسدين والسماسرة.
شهادات صادمة من النازحين
النازح محمد أمين من منطقة الحصب قال إن “ما يحدث عبث ومتاجرة بالمواد الإغاثية، فهناك أسماء وهمية تُسجل وتُباع قوائمها للتجار، بينما يموت الفقراء جوعًا”.
وأضاف: “الإغاثة تُصرف بالقطارة وبإهانة، وتذهب لغير مستحقيها، والقائمون عليها بلا ضمير، يبيعونها في السوق السوداء”.
من جانبه، أوضح النازح سعيد محمد من الحديدة أن “القائمين على الإغاثة جعلوها ساحة للابتزاز والمحسوبية، فهم يتعاملون معنا باحتقار ويمنحون المساعدات للأقربين فقط”.
فيما قالت النازحة "أم هيام"، وهي أم لسبعة أطفال: “نعيش أوضاعًا مأساوية، لا نملك أي دخل، والإغاثة تُوزع وفق مصالح ضيقة، بلا شفافية ولا عدالة، وسط طول إجراءات مهين”.
وأضاف النازح محمود عبدالله أن “الإغاثة لا تشمل كل الأحياء، فهناك مناطق تتكدس فيها المساعدات وأخرى لم يصلها شيء منذ شهور، رغم مناشدتنا المتكررة للقائمين عليها”.
أما عبدالعزيز الصبري، رب أسرة نازحة من الدريهمي، فقال: “ما يجري مهزلة بكل المقاييس.. فساد ومحسوبية وتوزيع عشوائي، الإغاثة تُباع في السوق السوداء بينما الفقراء يتضورون جوعًا”.
وتحدثت "أم أحمد" المصابة بالسرطان بمرارة: “نحتاج أيضًا إلى علاج ودعم صحي، لكن لا أحد يهتم، التسجيل عشوائي والبيانات متكررة، وهناك عبث متعمد بحرمان المحتاجين الحقيقيين”.
مطالب بالتحقيق والمحاسبة
المواطنون في مظفر تعز دعوا السلطات المحلية والمنظمات الدولية إلى فتح تحقيق شامل في قضايا الفساد والتلاعب بالمساعدات الإنسانية، ومحاسبة القائمين على تلك اللجان، مؤكدين أن استمرار الوضع الحالي “يُهدر الجهود الإنسانية ويعمّق معاناة النازحين والفقراء في المدينة”.