آخر تحديث :الإثنين-29 سبتمبر 2025-08:12م
اخبار وتقارير

"إرهاب هجين".. تحذيرات من استراتيجية الحوثي في إعادة تدوير "القاعدة وداعش"

"إرهاب هجين".. تحذيرات من استراتيجية الحوثي في إعادة تدوير "القاعدة وداعش"
الإثنين - 29 سبتمبر 2025 - 06:18 م بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن- إرم نيوز:

حذّر خبراء ومحللون، من تهديدات أمنية خطيرة على اليمن والمنطقة، إثر تحالفات الحوثيين مع عناصر وقيادات سابقة في تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، وتداعياتها المستقبلية في إنتاج "شبكات جديدة من الإرهاب الهجين".


ومنذ العام 2021، تعمل ميليشيا الحوثي على إعادة إحياء خلايا الإرهاب النائمة، عبر سجونها التي تحولت إلى معامل مغلقة لإعادة تدوير عناصر القاعدة وداعش المضبوطة سابقا، وتجهيزهم كأذرع أمنية وميدانية لأجهزتها الاستخبارية، "في خرق واضح للقوانين الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب"، طبقا لدراسة حديثة.


ويشير تقرير الدراسة الصادر عن مرصد الأزمات التابع لمركز "P.T.O.C Yemen" للأبحاث والدراسات المتخصصة، إلى أن الحوثيين لم يعودوا ينظرون إلى عناصر هذين التنظيمين كخصوم أيديولوجيين، بل يعتبرونهم أدوات قابلة للاستخدام المرحلي، وفق مفاهيم دينية وجهادية تروج لها الميليشيا، لتبرير ما يجري ووضعه في خانة: "تحالف ضرورة" ومواجهة "العدو المشترك".


استقطابات مدروسة


وأضاف أن الميليشيا أفرجت عن مئات المعتقلين المتورطين في تهم إرهابية، من السجون الخاضعة لسيطرتها، "ومُنحوا امتيازات مالية ولوجستية، فضلا عن التسليح والحماية، مقابل انخراطهم في جبهات القتال لصالح الحوثيين بعدة محافظات، إلى جانب إنشاء الحوثيين معسكرات سرّية في صعدة وعمران وذمار، لتأهيل هذه العناصر عسكريا وعقائديا، وتزويدهم بهويّات مزوّرة ورواتب شهرية تصل إلى 260 دولارا أمريكيا".


ومن بين العديد من الشواهد التي أوردها التقرير، أفرج الحوثيون في صفقة سرّية عن القيادي في القاعدة، سامي ديان، المتورط في اغتيال قائد المنطقة العسكرية الجنوبية الأسبق، اللواء سالم قطن، وتجنيده للعمل لصالحهم، من خلال تشكيل خلايا في محافظة أبين.


وتأتي عمليات الاستقطاب المدروسة، وفق أطر وآليات مؤسسية، يقف خلفها "جهاز الأمن والمخابرات" التابع للحوثيين، بقيادة رئيسه عبدالحكيم هاشم الخيواني، "الذي يعدّ اللاعب المركزي في هذه العملية"، بحسب التقرير.


ويؤكد التقرير، أن المشروع المدعوم من قوات الحرس الثوري الإيراني، والذي يأتي في سياق تدوير الإرهاب وتحويله إلى أداة ضمن استراتيجية طهران في المنطقة، "لا يعدّ تطبيقا تكتيكيا عابرا، بل أصبح نموذجا متكاملا لاستثمار المعتقلين والقيادات المتطرفة، يمزج بين الاستقطاب الاستخباراتي والتأهيل الميداني والغطاء الفكري، بهدف خلق بُنى هجينة من القوة السياسية والعسكرية، قد تتمدد إلى ساحات أخرى، إن لم تواجه بمقاربة أمنية دولية وإقليمية متناسقة".


تحديات وقصور


ويرى الباحث المتخصص في الجماعات المتطرفة، عاصم الصبري، أن جهود الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، باتت أمام تحدٍ كبير، على الرغم من النجاحات المحلية السابقة في تجفيف منابع نشاط الاستقطاب لتنظيم القاعدة، "ومن ثم فإن استمرار الحوثيين في إعادة تفريج وتصنيع الإرهابيين، يمثّل مشكلة كبيرة على مستوى الداخل والخارج".


ويقول الصبري في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن على المجتمع الدولي التعامل بجدّية والتحرك العاجل إزاء الاختراقات الخطيرة التي تقوم بها ميليشيا الحوثي، لإحياء هذه الخلايا وقادتها المتمرسين وتسليحهم، ومنحهم هويّات جديدة ووثائق مزورة، تحول دون إمكانية تعقبهم، وتسهّل من تحركاتهم الداخلية فضلا عن تمكينهم من الانتقال إلى خارج البلاد، لتنفيذ عمليات إرهابية.



وأشار إلى أن التحركات الدولية لمكافحة الإرهاب، تتعامل مع تهديدات تنظيم القاعدة في اليمن فحسب، بينما هناك تقاعس عن المخاطر الأوسع التي يمثّلها الحوثيون، في وقت يغيب فيه التعاطي الدولي الحقيقي مع المخاوف الداخلية المتصاعدة من تداعيات التخادم الجاري بين الميليشيا والتنظيم، وانعكاساتها المستقبلية على أمن واستقرار اليمن والمنطقة.


أنماط جديدة


وكشف تقرير الدراسة عن قائمة بأسماء القيادات الحوثية المتورطة في تشكيل شبكات العنف "الأكثر كفاءة وخطورة"، بينها نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، عبدالقادر الشامي، المسؤول الأول عن ملف العلاقات مع المعتقلين، ووزير داخلية الميليشيا، عبدالكريم الحوثي، المفوّض الأعلى لقرارات الإفراج، وقائد الاستخبارات العسكرية، عبدالله يحيى المؤيد المعروف بـ"أبي علي الحاكم"، المعني بعملية توزيع العناصر، إضافة إلى شخصيات قيادية ميدانية أخرى.


مشيرا إلى أن ما يحدث، "يعيد رسم خريطة التهديد في اليمن" في ظل صمت المجتمع الدولي، وتغاضيه عن ملف شديد الخطورة، "ينمو في الظل ويهدد بإعادة تدوير الإرهاب؛ ما يهدد الأمن القومي والإقليمي للمنطقة".


وتطرق التقرير إلى نمط المخاطر الأمنية الجديدة التي تخلقها هذه المساعي الحوثية، في تحويل المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية مثل محافظة أبين، إلى ساحة مفتوحة للعمليات الإرهابية، فضلا عمّا تحدثه من تشويش في خريطة التحالفات والصعوبات التي تفرضها على عملية تصنيف العناصر الإرهابية التي تبدّلت ولاءاتها؛ ما يربك جهود مكافحة الإرهاب.


إرهاب مهجّن


ويعتقد محلل الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، أن الحوثيين يسعون إلى "توظيف العناصر المتطرفة سابقا، كأدوات ضغط وكمصدر خبرات ميدانية وأمنية؛ ما يتيح لهم تنفيذ عمليات يصعب تتبعها مع الاحتفاظ بقدرة على الإنكار".


وبيّن المجاهد لـ"إرم نيوز"، أن هذه الاستراتيجية تُلبي هدفين: الأول ذو بعد تكتيكي/ وظيفي؛ "إذ إن الاستفادة من هذه العناصر المخضرمة وشبكاتها لتغطية وظائف استخبارية وتنفيذ عمليات محلية محددة، أو توفير خبرات قتالية غير رسمية قابلة للإدارة أو المقايضة، يعطيهم قدرة على التذرع وتقليل الأعباء على قواتهم، ومن ثم يحصلون على مرونة قتالية واستخباراتية في مناطق النفوذ".


أما الهدف الثاني، فيتعلق "ببعد مرتبط بثغرات بنيوية لدى الحوثيين، خصوصا وأن اللجوء إلى دمج هذه العناصر يمكن أن يعكس أيضا محدودية الموارد البشرية المؤمنة بالأيديولوجيا في بعض المناطق، "وهو مؤشر على ضغوط تشغيلية تدفعهم نحو البحث عن بدائل غير تقليدية لتعويض النقص في العناصر المؤدلجة والمؤهلة"، وفق المجاهد.


وأكد أن الخطير في هذه الاستراتيجية الحوثية "هو انعكاساتها الأمنية التي تتجاوز حدود اليمن؛ إذ يمكن أن تنتج عنها شبكات هجينة قادرة على تهديد استقرار الداخل، واستهداف خطوط الملاحة والمصالح الإقليمية، فضلا عن إرباك الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب".


مختتما حديثه بالإشارة إلى أن تفادي تحوّل المشكلة إلى تهديد إقليمي مزمن، ومواجهتها بشكل فعّال، "تتطلب مزيجا من الإجراءات في مقدمتها فرض مراقبة دولية على السجون، وتفعيل نشاط استخباري مشترك، إلى جانب فرض إجراءات مالية وقانونية، وبرامج إصلاح وإعادة تأهيل تحت إشراف مجتمعي، على أن يكون تنفيذ ذلك متزامنا وعلى مديات فورية ومتوسطة وطويلة".