شن الناشط الصحفي البارز وائل البدري، مساء الأحد، هجوماً حاداً على سياسات الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن، متهماً إياها بـ"التهميش المتعمد" لمناطق سيطرة الحكومة الشرعية وتعزيز الاقتصاد التابع لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في صنعاء، مما يُعمق الفجوة الاقتصادية وينتهك مبادئ العدالة التي تدّعي المنظمة الدولية الدفاع عنها.
وقال البدري في منشور موسع رصده نافذة اليمن على، فإن خللاً هيكلياً خطيراً يسم سياسة التعاقدات والمشتريات في الأمم المتحدة، حيث تتجه "أغلب مناقصات عام 2025 وما قبلها" بشكل غير مبرر إلى موردين وتجار في شمال اليمن (مناطق سيطرة الحوثيين)، بينما يتم تنفيذ هذه المشاريع والمشتريات على أرض الواقع في محافظات الجنوب ومناطق سيطرة الشرعية الأخرى.
وأرجع البدري السبب الجذري لهذا "الخلل غير المقبول" إلى وجود المقرات الرئيسية لوكالات الأمم المتحدة وإداراتها في العاصمة صنعاء، وإلى إدارة حساباتها المالية عبر البنك المركزي الخاضع لسيطرة الحوثيين. وهو ما وصفه بأنه "أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى إضعاف اقتصاد مناطق الشرعية وتقوية اقتصاد سلطة صنعاء".
ولم يكتفي البدري بتشخيص المشكلة الاقتصادية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مؤكداً أن هذه الممارسات "تتعارض بشكل صارخ" مع المبادئ الأساسية التي أقرتها الأمم المتحدة نفسها في أهداف التنمية المستدامة، والتي تتصدرها:
· الهدف 8: تحقيق نمو اقتصادي شامل ومتوازن.
· الهدف 10: الحد من أوجه عدم المساواة.
· الهدف 12: تعزيز الاستهلاك والإنتاج المسؤول ودعم المجتمعات المحلية.
وحذر من أن هذا التفاوت في التعاقدات لم يضعف الأثر الاقتصادي للمشاريع الإنسانية في الجنوب فحسب، بل "زاد من الفوارق الاقتصادية بين المناطق"، مشيراً إلى أن كلامه هذا يأكد النتائج السلبية التي أظهرتها تقارير ومسوحات سابقة حول الأثر الاقتصادي للتمويل الدولي.
المفاجأة الأكبر كانت عندما وسع البدري نطاق اتهاماته ليشمل وزارة التعاون الدولي في حكومة الشرعية نفسها، ملوحاً بمنشور منفصل موجه للوزير "واعد عبدالله باذيب".
وكشف البدري عن وجود "انحياز" حتى داخل مناطق سيطرة الشرعية نفسها، حيث يتم حرمان بعض المناطق ذات الاحتياج الكبير، مثل "مديريات محافظة الحديدة وتعز الواقعة تحت سيطرة المقاومة الوطنية بقيادة عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح"، من نصيبها العادل من المساعدات والمشاريع بشكل "ممنهج ومتعمد".
وخلص في تحليله القاسي إلى أن "المشاريع الإنسانية والتنموية في اليمن أصبحت تدار وفق الحسابات السياسية لا وفق الاحتياجات الإنسانية"، واصفاً هذا الأمر بأنه "غير مقبول إطلاقاً".
وفي ختام منشوره، وجه البدري نداءً عاجلاً وعلنياً إلى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) في اليمن، مطالباً إياه بمراجعة سياسات التعاقد والمشتريات بشكل فوري لضمان عدالة توزيع المناقصات وفتح الفرص المتساوية أمام جميع الموردين المحليين في شمال وجنوب اليمن.
وشدد على أن القضية ليست "مناطقية أو سياسية"، بل هي قضية "حقوق وعدالة اقتصادية" تتطلب ضمان توزيع عادل للمناقصات والمشتريات ووضع حد للاستئثار الواضح من قبل تجار الشمال، لضمان مستقبل تنموي عادل لجميع اليمنيين.