مؤشر على انفجار شعبي واسع، شهدت مدينة تعز، اليوم الأحد، مظاهرة غاضبة شارك فيها المئات من أبناء المدينة، احتجاجًا على استمرار أزمة مياه الشرب الخانقة وتجاهل السلطة المحلية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني لمطالب المواطنين المتكررة بوضع حد للكارثة.
المحتجون، الذين احتشدوا أمام مبنى السلطة المحلية في شارع جمال، رفعوا لافتات غاضبة ورددوا هتافات مدوية أبرزها: "أين الماء؟ أين الدولة؟ كفى عبثًا".
وحملوا محافظ المحافظة، نبيل شمسان، المسؤولية الكاملة عن الانهيار المعيشي والخدمي، وفي مقدمته غياب المياه الصالحة للشرب، وارتفاع أسعارها بشكل يفوق قدرة السكان.
وقال عدد من المشاركين في المظاهرة إن المدينة تعيش أسوأ أزمة مياه في تاريخها، مؤكدين أن الأهالي غير قادرين على شراء المياه من المحطات أو المحلات التجارية، بسبب الأسعار الخيالية وشح المعروض، وغياب أي تحرك فعلي من الجهات المعنية.
خلف الأزمة.. فضيحة مدوية تفضح "نهب المياه" من داخل معسكرات الإصلاح
وفي الوقت الذي يئن فيه السكان تحت وطأة العطش، كشفت مصادر محلية عن فضيحة مدوّية تتعلق بما وصفوه بـ"الاستيلاء المنظم" على آبار المياه العامة من قبل اللواء الخامس حماية رئاسية التابع للقيادي الإخواني عدنان رزيق، وتحويلها إلى مشروع تجاري لبيع المياه بأسعار مرتفعة.
مصدر صحفي خاص أفاد "نافذة اليمن"، بأن اللواء الخامس أطلق حملة ترويجية لما وصفه بـ"تخفيضات" على أسعار المياه، بعد أن فرض لسنوات سيطرة تامة على الآبار العامة الواقعة ضمن مناطق نفوذه، والتي يفترض أنها تتبع المؤسسة العامة للمياه.
ووزّع التوجيه المعنوي للواء رزيق منشورات على ناشطين إعلاميين محسوبين على حزب الإصلاح، يمتدحون فيها "دور الجيش في إغاثة 90 حيًّا سكنيًا"، في محاولة فاضحة لشرعنة الفساد والنهب، بحسب وصف نشطاء شاركوا في المظاهرة.
وأكدت المصادر أن اللواء الرئاسي يبيع المياه للناقلات الخاصة بأسعار خيالية، مستغلًا حالة العطش والاحتياج، ومبررًا ذلك بتخفيضات "وهمية"، رغم أن الأصل هو تسليم إدارة الآبار للمؤسسة المختصة دون قيد أو شرط.
مراقبون اعتبروا ما يحدث جريمة مزدوجة: نهب للماء من جهة، وتلميع إعلامي وقح لتبرير النهب من جهة أخرى. وقال أحدهم: "أي حديث عن تخفيضات من لواء عسكري يُعد استهزاءً بمعاناة الناس... هذه سلطة أمر واقع فاشلة لا تعترف بالدولة، بل تستثمر في أزمات الناس".
وتعاني تعز من حصار خانق يفرضه الحوثيون منذ نحو عقد، إلا أن وجهًا آخر من المعاناة يتمثل في الفوضى والفساد والعبث الخدمي الذي تفرضه سلطات حزب الإصلاح داخل المدينة، حيث تتداخل الأدوار بين الجيش والتجار، والسلطة والنهب المنظم، على حساب حقوق المواطنين وكرامتهم.