على وقع تراجع حدة التصعيد في الحرب بين إيران وإسرائيل، تكشف المعطيات الميدانية أن هجمات مليشيا الحوثي باتجاه إسرائيل تراجعت بشكل لافت، رغم استمرار الجماعة في إصدار بيانات تُضخم من حجم عملياتها وتُوهم باستمرار زخم المواجهة.
وبينما يواصل زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، الترويج لما أسماه "استمرار الحظر على الملاحة الإسرائيلية"، لم يسجل الجيش الإسرائيلي منذ أسابيع سوى هجوم يتيم بصاروخ ومسيّرة واحدة، ما يطرح تساؤلات عن مدى جدية الجماعة الحوثية في خوض مواجهة حقيقية، أم أنها تكتفي بهجمات رمزية لإبقاء حضورها الدعائي في "ساحة المعركة الفلسطينية".
ويرى مراقبون أن الجماعة المدعومة من إيران تخشى من رد إسرائيلي ساحق على غرار الضربات العشر السابقة التي دمّرت موانئ، ومطارات، ومحطات حيوية في مناطق سيطرة الحوثيين، وصولًا إلى محاولة اغتيال فاشلة لرئيس أركان الجماعة عبد الكريم الغماري بصنعاء.
وتعد مليشيا الحوثي آخر أذرع إيران النشطة ضد إسرائيل بعد تدمير قدرات "حزب الله" وانسحاب الفصائل العراقية من المواجهة، لكن فاعليتها بدأت تتراجع، خصوصًا بعد انكشاف محدودية أثر صواريخها ومسيّراتها، ونجاح الدفاعات الإسرائيلية في اعتراض معظمها.
التهديد المستمر في وجه إسرائيل
آخر الهجمات الحوثية المُعلنة، الثلاثاء الماضي، شملت صاروخًا وثلاث طائرات مسيرة، لكن إسرائيل اعترضت جميعها دون تسجيل إصابات، مما دفع وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلى التهديد بوضوح: "بعد أن ضربنا رأس الأفعى في طهران، سنستهدف الحوثيين في اليمن. من يرفع يده ضد إسرائيل ستُقطع".
وأشار إلى أن مصير اليمن سيكون كمصير طهران نفسها، في رسالة نارية تحمل دلالات تصعيد غير مسبوق.
صنعاء تحت المجهر الدولي
وفي هذا السياق، أكد وزير الإعلام، معمر الإرياني، أن ميليشيا الحوثي تمثّل أخطر أذرع إيران في المنطقة، محذرًا من إغفال المجتمع الدولي لهذا التهديد الإستراتيجي الذي يتمدد في خاصرة الجزيرة العربية.
وأوضح الإرياني أن الجماعة حوّلت اليمن إلى منصة إطلاق صواريخ ومسيرات تهدد أمن الطاقة العالمي وخطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، مضيفًا: "أي تسوية لا تشمل تفكيك القوة العسكرية للحوثيين، تعني ترك ثغرة استراتيجية تستخدمها طهران وقتما تشاء".
إحصائية مرعبة.. وإنجازات وهمية
بحسب الإحصائيات، أطلقت الجماعة أكثر من 200 صاروخ ومسيّرة منذ نوفمبر 2023، أغلبها لم يصل إلى أهدافه، باستثناء صاروخ واحد انفجر قرب مطار بن غوريون في مايو الماضي.
في المقابل، شنت إسرائيل عشر موجات قصف دمرت خلالها أرصفة موانئ الحديدة، ومطار صنعاء، ومحطات توليد، ومصانع مدنية، في أكبر عملية ردع عسكري منذ بدء التصعيد.
خلاصة المشهد
رغم تهويل الحوثيين لهجماتهم وتكرار خطابات "دعم غزة"، تشير الوقائع إلى تراجع قدراتهم، وزيادة توجسهم من انتقام إسرائيلي محتمل، في ظل تعقيد المشهد الإقليمي وانكشاف خيوط الوكالة الإيرانية.
ومع اقتراب توقيع اتفاق جديد بين إسرائيل وحماس، يُرجّح أن تبقى جماعة الحوثي مصدر الإزعاج الوحيد لتل أبيب في المشهد، لكنها قد تُصبح قريبًا هدفًا مركزيًا في حملة عسكرية أشد فتكًا، قد تمحو ما تبقى من بناها التحتية ومصادر تمويلها.