تساءلت صحيفة اليوم الثامن في تقرير لها السبت، عن الدور الذي من المفترض ان تلعبه الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، وذلك بعد لقاء جمعها مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس قاسم الزبيدي الذي شدد خلال ترأسه اجتماعاً للهيئة على تفعيل الأداء ورفع المهارات الإعلامية المؤثرة، لكي يتحول الخطاب من ملفوظات قولية في عالم الخطاب الصحفي إلى ملفوظات إنجازيه في واقع القول والواقع المعاش .
كما شدد الزبيدي على ضرورة تنسيق العمل الإعلامي بين الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، والدائرة الإعلامية بالأمانة العامة، واللجنة الإعلامية في الجمعية الوطنية، وكافة وسائل الإعلام الجنوبية، بما يحقق تطلعات شعب الجنوب الصامد المُتمثلة في استعادة دولته كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو 1990م.
وفي الـ16 من يونيو العام 2019م، صدر قرار هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي في اجتماعه الدوري، بشأن إنشاء هيئة وطنية للإعلام الجنوبي لكن هذا المشروع لم ير النور الا في الـ29 من ابريل الماضي، حين خرجت إلى الإعلام مسمى الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي .
وتشير الصحيفة إلى أن الصحافيون والناشطون الجنوبيون استبشروا بميلاد الهيئة على الرغم من التحفظات على بعض شخوصها عند الاشهار، لكن بالمجمل كان قرارا وطنياً، علقت عليه الآمال لانتشال وضع الإعلام الجنوبي، وخاصة الإعلام الرسمي التابع للمجلس الانتقالي، الذي بحاجة الى إعادة رسم الخطط البرامجية، في ظل حالة العشوائية والتخبط الواضح للعلن.
وتضيف أن كثيرون أبدوا نظرة تفاؤلية كبيرة، تجاه هذا الإعلان، الذي اعقبته خطوات أخرى، تمثلت في ما يمكن تسميته بـ(استعادة مبنى وكالة أنباء عدن العريقة، التي تم الاستحواذ عليه من قبل تحالف الحرب الأولى على الجنوب) .. مشيرة إلى ان عملية "الاستعادة" لم تكن في التوقيت المناسب، حيث كان فريقا تفاوضيا جنوبيا في الرياض، يبحث مع الاخوة في السعودية إمكانية استئناف الحديث عن اتفاق الرياض المتعثر منذ نحو عامين ووفرت بيئة خصبة لخصوم المجلس الانتقالي الجنوبي، لمحاولة النيل منه بدعوى انه ينتهك الحقوق الصحافية المنتهكة أساسا منذ عقود .
وتساءلت الصحيفة "لكن هل فعلا عادت وكالة أنباء عدن؟، هذا السؤال العريض الذي يطرح؟ وماذا تعني عودة وكالة الأنباء العريقة الى العمل مجدداً؟، وما هي مقومات عودة وكالة أنباء تم القضاء عليها بمشروع الوحدة اليمنية الهشة؟".
ووفق الصحيفة فإن مبنى الوكالة كان خاوياً على عروشه، وتم تأثيثه وإعادة تأهيله بدعم كبير من المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن العمل يبدو توقف بنصب لوحة فوق المبنى تبين انه قد أصبح مقراً رئيسياً للهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، ووكالة أنباء عدن.
وكشفت الصحيفة أنه كانت هناك وجهات نظر طرحت في الغرف المغلقة في أن تتم استعادة مبنى وكالة أنباء عدن وفق اطر قانونية، من خلال المطالبة بأصول واملاك دولة الجنوب السابقة، التي تم السطو عليها بقانون "وضع اليد للمحتل اليمني"، ولكن ان تتم استعادتها وهو حق مشروع بكل تأكيد، فهذه الأملاك هي أملاك جنوبية، لكن ماذا بعد ان تم استعادتها؟.
وتضيف "أكثر من أربعة أشهر لم يستجد أي جديد في عمل الهيئة الوطنية ولم تطلق وكالة انباء عدن، لكن المنجز الذي يمكن الإشارة اليه هو انشاء مركز تدريب تابع للهيئة الوطنية، لكن حتى هذا المركز لم يفتتح بعد".
واستعرضت الصحيفة في سياق تقريرها نسخة من مشروع إنشاء هيئة وطنية للإعلام الجنوبي، الذي جاء في ست صفحات، والذي تبدو من اهدافه انه لم يأت متوافقا مع المشروع، من خلال تنظيم عمل المؤسسات الصحافية الاهلية والخاصة، وإنتاج اعلام موجه وهادف. ومن اهداف الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي ما نصه :"التنسيق بين وسائل الإعلام الجنوبية كافة (صحف، إذاعات، محطات تلفزة، مواقع إلكترونية) ومواءمة خططها بما يحقق تكامل الرسالة الاعلامية الجنوبية في كافة المجالات"؛ ولكنه لم يحصل أي تنسيق مع وسائل الإعلام والصحف المحلية الجنوبية المستقلة، بل على العكس خلال أربعة أشهر لم يتم عقد أي لقاء مع الصحافة، التي تدعي الهيئة ان مهمتها التنسيق، بل لا تزال تدور في حلقة مفرغة.
كما ان من مهام الهيئة "توجيه أجهزة الاعلام الجنوبية إلى ابراز الهوية الوطنية لشعب الجنوب"؛ لكن الذي يلاحظه المشاهد ان خطاب القناة الرسمية AIC، لم يجتهد في ترسيخ الحدود الجغرافية الوطنية، ولا يزال يقحم مدن يمنية على انها تابعة لمحافظات جنوبية والعكس".
تقول الصحيفة "تحدثت الهيئة في ان مهامها توزيع المواد الصحافية "صور وتسجيلات مرئية"، على وسائل الإعلام الجنوبية، لكن منذ تأسيس الهيئة لا يزال حضور الفعالية وتصويرها حكرا على "القناة"، ولا يمكن لأي وسيلة اعلام ان تحصل على صورة او تسجيل مرئي، ناهيك ان من الشروط لأي فعالية ان تكون الناقل لها حصريا قناة AIC، ويمنع حضور أي مندوب من أي صحيفة أخرى" .
وترى الصحيفة انه اجمالا من خلال مسودة مشروع الهيئة يتبين ان هناك من يريد يسيطر على الإعلام الأهلي والخاص، ويسيره وفق مزاجه، ومن يخالف فسيكون محل شك وربما يتم توجيه له تهمة الخيانة لأهداف الهيئة الوطنية .. مشيرة إلى أنه لا يمكن التمييز بين اهداف الهيئة التي يفترض ان تكون هيئة وبين أهدافها التي تشابه الى حد كبير انها "وسيلة اعلام"، مثلها مثل أي وسيلة إعلام أخرى، كما ان أحد نصوص الهيئة تمثل تدخلا في اختصاص المحاكم، من خلال الحديث عن وضع لوائح وقوانيين وضوابط ومراقبة كل ما ينشر.
وتؤكد أن هيئة الإعلام الجنوبي يفترض ان تقوم بـ"مراقبة ما تبثه القناة والإذاعة"، فالخطاب الذي يتابعه المشاهد لم يرتق الى مستوى الطموحات، ومتى ما تحسن هذا الخطاب يمكن مطالبة الهيئة بمراقبة الإعلام الأهلي والخاص، الذي ينطلق من منطلقات وطنية، ويفترض ان يظل بعيدا عن التأطير لتصويب العمل السياسي والحكومي في عدن، بدلا من معرفة الحسابات البنكية لمواقع الكترونية بعض أصحابها يعانون كثيرا من توفير مبلغ 300 دولار أمريكي، ثمن الاستضافة نهاية كل سنة.
ووفق المسودة التي تم بموجبها تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبية، يفترض ان تتكون من 11 عضوا بالانتخاب السري المباشر من الهيئات الإعلامية المنظمة، باستثناء رئيس الهيئة، يختاره رئيس المجلس الانتقالي، والأمين العام للهيئة ترشحه الدائرة الإعلامية، وممثل للمركز الإعلامي، وممثل للصحافة المطبوعة، وأخرين للإعلام المسموع والمرئي والإعلام الإلكتروني، بالإضافة الى عضو من ذوي الخبرة، تقترحه نقابة الصحفيين الجنوبيين؛ غير الموجودة اصلاً. وممثل عن الإعلاميين المستقلين، وأخر من ذوي الخبرة والشخصيات العامة يقترحه رئيس الجمعية الوطنية، وهو ما تم أخيرا بتعيين الكاتب الجنوبي البارز نجيب يابلي، رئيس لجنة الإعلام في الجمعية الوطنية.
واختتمت اصلحيفة تقريرها بالقول : "وبغض النظر عن شخوص الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبية، فالمتابع والمهتم بالشأن يريد معرفة نتائج أربعة أشهر من العمل المتواصل والأموال المصروفة على إعادة تشكيل هذه الهيئة الوطنية .. طالما وهناك إعلام يفترض انه جزء من المشهد الإعلامي الجنوبي، وطالما والهيئة تتحدث عن إعلام "اهلي وخاص"، فمن المهم ان يعرف "أين هيئة الإعلام الوطني الجنوبية، وما هو دورها اليوم"؟.
- لقراءة نص التقرير : إضغط هنا