آخر تحديث :الجمعة-21 نوفمبر 2025-12:40ص

هل صعود ترامب دليل على ثغرات الديمقراطية، أم دليل على فعاليتها؟

الجمعة - 21 نوفمبر 2025 - الساعة 12:11 ص

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


أنا أرى أنه دليل على الأمرين معًا: فهو يكشف عيوب الديمقراطية من ناحية — وليس هناك آلية سياسية بلا عيوب — ويكشف قوتها وقدرتها على الاستقلالية والتجديد والنجاح من ناحية أخرى.


سأشرح ما أعنيه.

عندما ترشح ترامب، كانت “المؤسسات” كلها تقريبًا ضده. وسائل الإعلام الكبرى كلها كانت ضده. المؤسسة القضائية سخّرت محاكمها ضده. أغلبية رجال الأعمال والبزنس العملاق كانت ضده. نجوم الرأي العام من هوليوود إلى تيك توك وتويتر كانوا ضده.

لو كانت الديمقراطية مجرد لعبة في يد رجال المال والإعلام و”الدولة العميقة”، كما يقول أعداء الديمقراطية من اليمين واليسار، لفشل فشلًا ذريعًا.

لهذا أرى أن نجاحه دليل على قوة المؤسسات الديمقراطية واستقلالها.


لكن فوزه في الوقت نفسه يكشف إحدى نقاط الضعف التاريخية للديمقراطية، وهي سهولة استغلالها من قبل الزعماء المحرّضين والشعبويين.

فاز ترامب لأنه لامس طاقة الغضب لدى الأمريكيين ضد “المؤسسة”، فصوّتوا له غضبًا لا اقتناعًا. كما أنه لامس مشاعر الطبقة العاملة وكسبها بعد أن خسرها الديمقراطيون بتركيزهم على القضايا العرقية والجندرية.


والشيء نفسه حصل مع زهران ممداني: كان الحزب الديمقراطي بأغلبه ضده، والجمهور منقسمًا ضده، ووسائل الإعلام الكبرى والمليارديرات ضده. ولو كانت الديمقراطية الأمريكية لعبة في يد هؤلاء لفشل.

لكن نجاحه — بقدر ما يكشف متانة الديمقراطيات العريقة — يكشف أيضًا نقطة ضعفها، وهي سهولة استغلالها في أوقات الأزمات من قبل الشعبويين القادرين على ركوب موجة السخط من أجل الفوز.


لكن الديمقراطية التي أتت بهما قادرة على إزاحتهما، إما بنهاية المدة أو بالقانون قبل نهايتها، لو ارتكبا فعلا بستحق ذلك.


ما الحل إذن في هذه الديمقراطية المتينة من ناحية، والهشة من ناحية أخرى؟


الحل هو إصلاح الخلل “الشعبوي”. ويتم ذلك بعدة طرق، من ضمنها إصلاح الأحزاب بحيث تصبح قادرة على تقديم شخصيات سياسية محترمة (جزء كبير من فوز ترامب كان سببه ضعف شخصية كامالا هاريس وتفاهتها).

ويمكن تجاوز الثغرة الشعبوية بتثقيف الجمهور عبر وسائل الإعلام وتقديم المعلومات الدقيقة بدلًا من حشد الرأي وتحريض المشاعر.

والأهم من ذلك الإيمان بقدرة الديمقراطية على تصحيح نفسها والنجاة كل مرة.

فالديمقراطية ليست مثالية — وهذا أعظم ما فيها — لكنها أكثر الأنظمة السياسية مرونة وشفافية وقدرة على البقاء.


هل هناك بديل لعيوب الديمقراطية الانتخابية؟

هناك بدائل ديمقراطية مطروحة حاليًا مثل الديمقراطية التوافقية، والديمقراطية الحوارية، والديمقراطية الرقمية، والديمقراطية التشاركية، والديمقراطية الهجينة. وكلها مقترحات حديثة لحل أزمات الشعبوية وتآكل الأحزاب التقليدية وصعود المؤثرين.


لكن ما البدائل لمن يرفض الديمقراطية نهائيًا؟


هناك أكثر من بديل: بوتينية روسيا، وشمولية الصين، وخمينية إيران، وانتحارية الحوثي، والجهادية المحلية للجولاني، والفساد الشعبوي لأنظمة أمريكا اللاتينية وإفريقيا… وغيرها من الأنظمة التي لا تتمتع بعيوب الديمقراطية ولا بميزاتها!!