لم تكن تعز، المدينة الجريحة التي أنهكتها سنوات الحرب والحصار، لتشهد انفراجاً حقيقياً لولا الجهود الحثيثة التي يبذلها العميد طارق محمد عبد الله صالح، قائد المقاومة الوطنية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي. فقد كان في مقدمة من حملوا هموم المدينة وآلام سكانها على عاتقهم، وحرص على أن يكون سنداً حقيقياً لمدينة تعز، ليس فقط بالقول، بل بالفعل والمشاريع والنتائج.
من أبرز إنجازات العميد طارق صالح مشروع طريق الكدحة، الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه مشروع كسر الحصار فعلياً عن مدينة تعز المحاصرة. لم ينتظر الرجل وعود المفاوضات ولا تواقيع المليشيات، بل مضى في فتح شريان الحياة للمدينة عبر هذا الطريق الحيوي الذي ربط تعز بالعالم، وفرض أمراً واقعاً أجبر مليشيا الحوثي على الموافقة على فتح المعابر دون قيد أو شرط.
هذا الإنجاز لم يكن مجرد طريق بل كان رسالة قوة، مفادها أن تعز ليست وحدها، وأن الإرادة الوطنية قادرة على تجاوز المراوغات السياسية وابتزاز المليشيات.
لم يقتصر دعم العميد طارق على الجانب المروري فحسب، بل امتد ليشمل أكثر الملفات إيلاماً، ملف المياه، الذي حولته مليشيا الحوثي إلى سلاح تعذيب جماعي ضد سكان تعز، بعد أن قطعت المياه عن المدينة منذ بداية الحرب. ومع إدراكه لحجم المعاناة، دشن العميد مشروع مياه الشيخ زايد بن سلطان في منطقة الضباب، وهو أكبر مشروع مياه استراتيجي في الجمهورية، يُعد منقذاً حقيقياً للمدينة.
المشروع يُنفذ بتمويل كامل دون تحميل الدولة أو المواطنين أي أعباء مالية، وكان من المقرر أن يؤمّن تدفق المياه النظيفة بشكل مستدام إلى أحياء المدينة، ليضع حدا؟ لمعاناة الملايين من السكان.
ولم تتوقف جهود العميد طارق صالح عند المشاريع الكبرى، بل شملت كذلك عشرات المشاريع في مجالات التعليم والصحة والدعم الإنساني، وكلها تصب في مصلحة المواطنين في تعز. فقد تم تقديم دعم للمدارس والجامعة والكليات والمستشفيات، وتمويل برامج ومبادرات إنسانية أسهمت في تخفيف الأعباء عن عشرات آلاف من الأسر.
ورغم هذه الجهود السخية والمبادرات النبيلة، فإن المفارقة الصادمة تكمن في أن بعض القيادات المحلية والمكونات السياسية في مدينة تعز قابلت هذه المشاريع بنكران الجميل بل وسعت إلى زرع العراقيل أمام تنفيذها، في موقف يثير الدهشة ويبعث على الاستغراب. الأغرب من ذلك أن السلطة المحلية نفسها، ممثلةً بمؤسسة المياه، سارعت إلى توقيع اتفاقية مع مليشيا الحوثي تقضي بإعادة تشغيل الآبار الواقعة في نطاق سيطرة المليشيا وضخ المياه إلى المدينة مقابل مبالغ مالية باهظة وبالعملة الصعبة، متجاهلة مشروع مياه الضباب المجاني والاستراتيجي.
الاتفاق مع المليشيا الحوثية يكشف عن حجم التناقض والانفصال عن مصلحة المدينة، ويطرح علامات استفهام كثيرة حول من يقف فعلاً في صف تعز وأبنائها، ومن يسعى لربط المدينة من جديد بمليشيا استخدمت الطريق والعطش كسلاح حرب.
فما الذي يدفع هذه القوى والسلطة المحلية إلى التخلي عن مشروع استراتيجي ووطني ومجاني، والهرولة إلى أحضان المليشيات، سوى عجز سياسي أو أجندة لا تعنيها مصلحة تعز وابنائها؟
العميد طارق صالح اليوم لا يمثل فقط صوتاً عسكرياً أو سياسياً، بل رمزاً وطنياً للمسؤولية الفعلية، وقد جسّد ذلك من خلال مواقف ومشاريع عملية أنقذت تعز من براثن الحصار والتجاهل. وبينما تتفرغ بعض القوى المحلية للمناكفات وزراعة العوائق، يظل طارق صالح في الميدان، بالفعل لا بالقول، إلى جانب مدينة الصمود تعز.