تمثّل منفذ الوديعة البري شريانًا اقتصاديًا حيويًا يربط اليمن بالمملكة العربية السعودية، ويُعد أحد أهم الموارد المالية للدولة والمناطق الشرقية، وعلى رأسها محافظة حضرموت. ومع تزايد المطالبات بإدارة حضرمية مباشرة لهذا المنفذ عقب سيطرة نفوذ الاخوان منذ سنوات، يتجدد النقاش الشعبي حول العدالة في توزيع الموارد، وضرورة توجيه عائداته لتنمية المحافظة التي تضم هذا المنفذ الحيوي.
منفذ الوديعة… بوابة المال المهدور
على مدى سنوات، ظل منفذ الوديعة مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الجمركية والرسوم، التي تُقدّر بمليارات الريالات سنويًا، غير أن معظم هذه العائدات لم تنعكس على واقع حضرموت الخدمي والمعيشي.
يتساءل المواطنون: لو أن كل ريال يدخل عبر الوديعة عاد إلى أبناء حضرموت، كيف سيكون الحال؟
الإجابة تتلخّص في أحلام بسيطة مشروعة: كهرباء مستقرة، مرتبات منتظمة، ومشاريع تنموية تنهض بالمحافظة. أحلام لا يراها السكان بعيدة، بل يرونها "حقًا مشروعًا" يجب أن يتحقق في ظل أي إدارة عادلة وشفافة.
الإدارة الحضرمية… نحو عدالة وتنمية
المطالب الشعبية المتصاعدة بإسناد إدارة منفذ الوديعة إلى السلطة المحلية في حضرموت لا تأتي بدوافع سياسية بحتة، بل نابعة من إدراك متزايد لأهمية الإدارة الذاتية للموارد في تعزيز التنمية وتحقيق العدالة.
فالإدارة المحلية الفاعلة، تعني تنمية مباشرة، وعدالة في التوزيع، واستقرارًا مستدامًا. إذ إن ربط الإيرادات بالمشاريع الخدمية والبنية التحتية داخل المحافظة سيخلق دورة مالية إيجابية تحفّز الاستثمار وتحدّ من البطالة، خاصة في القطاعات الحيوية كالكهرباء والنقل والتعليم.
من المركزية إلى الشراكة
حضرموت، بمواردها النفطية والمينائية والجمركية، طالما قدّمت الكثير دون أن تنال نصيبها من التنمية. ومنفذ الوديعة يمثل نموذجًا صارخًا لهذه المفارقة.
التحوّل من إدارة مركزية تتحكم في الإيرادات من خارج المحافظة إلى نظام شراكة اقتصادية محلية يُعد خطوة ضرورية لإعادة التوازن بين المركز والأطراف.
ويرى مراقبون أن هذا التحول لا يعني الانفصال عن الدولة، بل تعزيز مبدأ اللامركزية المالية والإدارية، بما ينسجم مع أهداف التنمية الوطنية الشاملة.
حضرموت إلى أين؟
اليوم يقف الشارع الحضرمي أمام سؤال جوهري: متى يتحقق الإنصاف؟
فالمطالب لا تتعلق بالشعارات، بل بمطالب واقعية تتلخص في الإدارة، والشفافية، والاستقرار الاقتصادي.
ومع تراجع تأثير التيارات السياسية التي كانت تهيمن على القرار المحلي، تبرز فرصة جديدة لحضرموت لتعيد صياغة مستقبلها التنموي وفق رؤية حضرمية خالصة، تقوم على استثمار مواردها لصالح شعبها، وبناء نموذج اقتصادي محلي يحتذى به في باقي المحافظات.