هي لحظة الخيارات الصعبة ،والسير في خطوط متشابكة من حقول الألغام التي تواجه الإنتقالي ،ومشروعه المتمثل بالإنفصال أو مايسميه في أدبياته بفك الإرتباط واستعادة دولة ماقبل الوحدة.
حلم يكاد ان يكون محط أغلبية أبناء الجنوب ، وامتد ليلامس أطراف عمق الشمال، بعد أن تعرضت الوحدة لعمليات سلخ جلد وتدمير ممنهج، من القوى التقليدية والمشيخ القبلي ،ما اضر بحياة أبناء الشمال والجنوب على حد سواء.
مهام الإنتقالي المتشابكة تبدأ من إدارة مشروعه السياسي خارج الشطط ،والقفز على الصعاب الموضوعية ، دون تلمس موطئ خطى قدمه حتى لا يرتطم بلغم، يعيده إلى مرحلة البدايات الصعبه ، فهناك الداخل وهناك الخارج، الداخل بتوسيع قاعدة التفاهمات مع النخب السياسية والمكونات الإجتماعية داخل اطر الشرعية ،وتطمينها بترتيبات تجعل من الدولة القادمة غير عدائية، ومقطوعة الصلة مع مرحلة الصراعات المسلحة بين دولتي الشمال والجنوب، وحفظ مصالح الشعب على الضفتين ،بلا إجراءات تتعسف حقوق المواطن الشمالي وتعطل انسياب المصالح بين الطرفين.
وهناك البيت الجنوبي بحاجة هو الآخر لترميم بعض تصدعاته، باستيعاب تمثيلي عادل للجغرافيات المتعددة في هيئات الحكم القائمة ،وفي مستقبل الدولة القادمة، مثل أبين وشبوة وحضرموت والمهرة ، الأولى ضحية الصراعات السياسية الممتدة، والبقية حساسية موقعها الجغرافي وكثافتها السكانية، واعتبارها مركز الثروات ، من غيرها يبقى مشروع الدولة الجنوبية، أمنية محنطة في دفتر الأحلام المؤجلة إن لم تكن المستحيلة.
هناك بوابة إجبارية فرضتها الجغرافيا الاقليمية، يجب محاولة إبقائها مفتوحة ونوافذها مشرعها أمام الانتقالي ،هي السعودية المتداخل أمنها القومي بالجنوب سلماً وحرباً، وعمان الشريك الإلزامي في شريط حدودي يحتاج إلى تفاهمات وتطمينات للجارتين، وترسيم العلاقات معهما بعدم المس بإتفاقيات الحدود او تعديل نصوصها ، وإن الدولة الجنوبية في حال تحققها هي عامل أمن واستقرار لدول المنطقة.
نجح الإنتقالي في بسط سلطته على كامل التراب الجنوبي ، وبات جاهزاً لإعلان خطوة سياسية جريئة ،تحيل النصر العسكري إلى مكاسب سياسية ، ومع ذلك خطوة أحادية كتلك من غير تشبيك التفاهمات وبعث رسائل للعالم، إن أمن الملاحة والمصالح الدولية مصانة ،فإن هذا الحلم الجنوبي محفوف بمخاطر العزل الدولي، وربما حتى الصدام المسلح مع دول الجوار ، وهو مالا يحتاجه الإنتقالي ولا مشروع دولته المرجو إنجازها.
لاخيار للإنتقالي سوى المزيد من الحوار، والمزيد من التطمينات والتفاهمات مع الداخل والخارج ،وتجنب دفع الأمور إلى حافة الصدام المسلح ،في توقيت يحتاج فيه هذا الحامل السياسي إلى مرونة وعمل دبلوماسي خارجي ، وإعادة تقييم موقتات إعلان دولته المستعادة، بروية وخارج القرار الصادم.