آخر تحديث :السبت-20 ديسمبر 2025-11:05م
اخبار وتقارير

تعز تختنق بالغاز.. جرعة سعرية غير قانونية تُشعل طوابير الإذلال وسط صمت رسمي مريب

تعز تختنق بالغاز.. جرعة سعرية غير قانونية تُشعل طوابير الإذلال وسط صمت رسمي مريب
السبت - 20 ديسمبر 2025 - 09:28 م بتوقيت عدن
- تعز - نافذة اليمن - محرم الحاج

تشهد مدينة تعز أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي، ترافقت مع فوضى سعرية وازدحام غير مسبوق، في مشهد يعكس حالة انفلات واضحة وتواطؤًا بالصمت من الجهات المعنية.. إذ تكدست العشرات من باصات النقل صباح اليوم السبت أمام محطة الجبل في وادي القاضي، بعد إغلاق بقية المحطات في وجهها، ما تسبب بامتداد الطوابير من وادي القاضي حتى منطقة الروضة، في خطوة وصفها سائقون بأنها محاولة متعمدة لخلق أزمة مفتعلة وفرض تسعيرة غير قانونية بالقوة.

واتهم سائقو الباصات محطات الغاز برفع السعر عبر إضافة ألف ريال على كل أسطوانة فور توفر المادة، دون أي مبرر قانوني، مؤكدين أن هذه الزيادة تمت على مرأى ومسمع من السلطة المحلية التي لم تحرك ساكنًا، رغم ما وصفوه باستغلال الأزمة لفرض جبايات غير قانونية على حساب المواطنين.

وفي الوقت الذي تحولت فيه طوابير الغاز إلى مشهد يومي مألوف، تتفاقم معاناة الأسر في سبيل الحصول على أسطوانة واحدة للاستخدام المنزلي. وخلال جولة ميدانية في أحد مراكز التوزيع بمديرية المظفر، بدت الفوضى والمحسوبية هي العنوان الأبرز.

يقول المواطن “أبو مصطفى”، في الخمسين من عمره، إنه قصد المركز بعد نفاد الغاز من منزله حاملاً الإيصال الرسمي، لكن ذلك لم يشفع له أمام وساطات المتنفذين، مضيفًا أن السنّ والالتزام بالقانون لم يعودا معيارًا للحصول على الحق.

أما المواطن أحمد، فيؤكد أن الإيصالات فقدت قيمتها، مشيرًا إلى أن من يملك “الواسطة” أو المال يحصل على الغاز فورًا، بينما يُترك الآخرون لساعات تحت الشمس دون جدوى، في حين تصل سيارات التوزيع وتغادر محملة بحصص خاصة قبل الإعلان عن نفاد الكمية.

وتقول المواطنة علياء إن الغاز المنزلي لم يعد متاحًا للعامة، بل بات حكرًا على التجار والمقتدرين، تصلهم المخصصات إلى منازلهم، بينما تُغلق المراكز في وجه الفقراء. وتضيف أنها اضطرت للعودة خائبة بعد أن وجدت السعر في إحدى المحطات الخاصة يتجاوز 12 ألف ريال، وهو مبلغ يفوق قدرتها، لتجد نفسها مجددًا في طوابير الانتظار أمام مراكز مغلقة.

من جانبه، يشكو محمد، صاحب مطعم صغير، من توقف تزويد المطاعم بالغاز المخصص لها، ما اضطره للبحث عن أسطوانات منزلية من السوق السوداء لتفادي إغلاق مطعمه وخسارة مصدر رزقه.

مسؤوليات حسب الطلب

وفي الوقت الذي يواصل فيه مسؤولو فرع شركة الغاز في تعز الحديث عن “نقص الكميات المخصصة من صافر”، تؤكد اللجنة الإعلامية لنقابة الغاز في تعز أن أزمة الغاز المنزلي مستمرة منذ ثلاثة أشهر، وليست وليدة الأيام الأخيرة كما يُروّج، موضحة أن ربط الأزمة بازدحام السيارات أمام محطات التعبئة ليس سوى محاولة لتضليل الرأي العام.

وأوضح عضو اللجنة الإعلامية للنقابة محمد العزي العزب أن المواطنين لم يحصلوا على حصصهم بالسعر الرسمي منذ فترة طويلة، مؤكدًا أن المشكلة الحقيقية ليست في التوفر، بل في غياب الضمير والأمانة والمسؤولية. وكشف عن عمليات نهب منظمة لحصص المواطنين من قبل بعض المحطات المركزية، حيث يُعاد بيعها لأصحاب الطرمبات بزيادات تصل إلى ألفي ريال للأسطوانة، ليُجبر المواطن على شراء حصته نفسها بسعر أعلى وبوزن أقل.

وأشار إلى أن أسعار الأسطوانة في الأرياف وصلت إلى ما بين 14 و15 ألف ريال، رغم أن السعر الرسمي لدى الوكلاء لا يتجاوز 9500 ريال، متهمًا قيادة السلطة المحلية بغضّ الطرف عن هذه التجاوزات والاكتفاء بنصيب من الرسوم المفروضة على كميات الغاز الداخلة إلى المحافظة.

وشدد العزب على رفض النقابة استمرار العبث بحقوق المواطنين، داعيًا الجهات المختصة إلى تدخل عاجل وحازم لوضع حد للتلاعب بسوق الغاز ومحاسبة المتورطين دون استثناء.

غضب شعبي يقترب من الانفجار

في ختام المشهد، تتصاعد أصوات الغضب في الشارع التعزي، مؤكدة أن المنصب ليس حصانة، وأن القانون ليس أداة للابتزاز، وأن تعز ليست غنيمة لعصابات الفساد. ويحذر مواطنون من أن استمرار هذا العبث ينذر بغضب شعبي قد يتحول إلى انفجار لا يمكن احتواؤه، ما لم تتحرك الحكومة والجهات الرقابية فورًا لوقف الفساد ومحاسبة المتسببين قبل فوات الأوان.