لم تكن أزمات الوقود والغاز معروفة في اليمن حتى نهاية عام 2010م، بل كانت البلاد تمتلك فائضًا إنتاجيًا يُعدّ أحد أعمدة اقتصادها الوطني.
فقد بلغت الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في عام 2010م نحو 6.7 ملايين طن، بإنتاج فعلي قُدّر بحوالي 200 مليون قدم مكعب يوميًا.
كما وصل إنتاج النفط في العام نفسه إلى نحو 332,50 مليون برميل، بمعدل يقارب مليون برميل يوميًا، وهي كميات كانت كافية لتغطية الاحتياج المحلي بشكل دائم، وتباع للمواطنين بأسعار زهيدة، مع تصدير الفائض إلى الخارج.
وقد تجاوزت عائدات صادرات النفط والغاز معًا في ذلك العام خمسة مليارات دولار، ما جعل هذه الثروة رافدًا أساسيًا للخزينة العامة، وضمانة حقيقية للاستقرار الاقتصادي.
اليوم، وبعد مرور ما يقارب خمسة عشر عامًا، انقلب المشهد رأسًا على عقب. أصبحت اليمن غارقة في أزمات وقود وغاز متواصلة، وانعدام دوري، وارتفاعات جنونية في الأسعار.
ففي مدينة تعز، الخاضعة لسلطة الشرعية، على سبيل المثال، وصل سعر دبة البترول سعة 20 لترًا إلى 28 ألف ريال، بزيادة تعادل 28 ضعفًا عن سعرها في عام 2010م، فيما بلغ سعر أسطوانة الغاز نحو 11 ألف ريال، بزيادة تقارب 15 ضعفًا عن سعرها السابق، وسط طوابير طويلة، وحصص شحيحة لا تتجاوز نصف أسطوانة للاستخدام المنزلي، وأسطوانة واحدة فقط للباصات والسيارات، الأمر الذي جعل الأزمة تطول، وتزيد من معاناة السكان.
والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة: أين ذهبت تلك الكميات التي كانت تغطي السوق المحلي وتفيض عن الاحتياج؟
ولماذا تحولت ثروات اليمن النفطية والغازية من نعمة وطنية إلى أداة ابتزاز ومتاجرة سياسية واقتصادية؟
ومتى سيتوقف المسؤولون، محليًا ومركزيًا، عن صناعة الأزمات ورفع الأسعار، ومضاعفة أعباء الناس؟
وإلى متى سيظل الشعب اليمني يدفع ثمن الفساد وسوء الإدارة؟
ومتى ستتحول الثروة الوطنية من مصدر معاناة إلى حق مشروع يخفف عن الناس، ويعيد للدولة هيبتها، وللمواطن كرامته؟!.