سرد الطبيب وهاج المقطري قصة مؤلمة لطفل يبلغ من العمر 12 عامًا من أبناء مدينة رداع بمحافظة البيضاء، كاد يفقد حياته نتيجة التشخيص الخاطئ والعلاج العشوائي، قبل أن يتم إنقاذه في اللحظات الأخيرة بعد نقله إلى العاصمة المحتلة صنعاء، وتشخيص حالته بإصابته بمتلازمة نادرة تُعرف بـ"شونلاين –هينوخ" (Henoch–Schonlein Purpura – HSP).
وقال الدكتور المقطري منشور رصده نافذة اليمن على حسابه الرسمي بموقع فيس بوك، اليوم الجمعة، إن الطفل بدأ بأعراض بسيطة من التهاب في الحلق وزكام خفيف، تبعها ألم بطني متقطع مع غثيان وإسهال خفيف، وظنّ الأهل في البداية أنها حالة نزلة برد أو التهاب معوي عابر.
وأوضح بأن المفاجأة وقعت بعد ثلاثة أيام، إذ ظهر على ساقي الطفل طفح جلدي نزفي مرتفع لا يبهت بالضغط، تزامن مع اشتداد آلامه البطنية وظهور براز دموي ودم في البول، ما دلّ على تطور الحالة لمضاعفات خطيرة.
وأضاف الطبيب أن الأهل لجأوا حينها إلى استخدام المضادات الحيوية والمحاليل والمسكنات بشكل عشوائي دون تشخيص دقيق، ثم — للأسف — اتجهوا نحو الشعوذة، حيث قرر أحد المشعوذين الملقب بـ"الشيخ البروفيسور الزعكمي" أن الطفل مصاب بعين خبيثة، وأوصى بـ"رشّه بماء سدر مقروء عليه ومتفول فيه صباحًا ومساءً لعشرة أيام".
ويقول المقطري إن القدر تدخّل على شكل "عمٍّ عاقل" رفض أن يرى ابن أخيه يضيع بين الجهل والتخمين، فقام بنقله بنفسه إلى العاصمة صنعاء بحثًا عن تشخيص طبي حقيقي.
ويتابع المقطري: "حين وصل إلينا كان الطفل في حالة حرجة، وبعد أخذ التاريخ المرضي والفحص السريري الدقيق لم يكن من الصعب الاشتباه في إصابته بمتلازمة شونلاين–هينوخ، وهي التهاب وعائي صغير مناعي المنشأ يحدث نتيجة ترسب معقدات مناعية تحتوي على الغلوبولين المناعي IgA في جدران الأوعية الدموية الصغيرة".
وأوضح أن القاعدة السريرية في مثل هذه الحالات تقول: "في حال وجود طفح نزفي مرتفع لا يبهت بالضغط في الأطراف السفلية لطفل يعاني من ألم بطني أو براز دموي، مع صفائح طبيعية، فيجب اعتبارها حالة HSP حتى يثبت العكس".
وأكد المقطري أنه تم إدخال الطفل إلى المستشفى فورًا وبدء العلاج وفق البروتوكول التحفظي، باستخدام الجرعات النبضية من الميثيل بريدنيزولون (Methylprednisolone pulses)، مع متابعة دقيقة للوظائف الكلوية والدعم العام، وكانت الاستجابة ممتازة بفضل الله.
وقال الطبيب إن الوالدين قدّما له الشكر بعد تحسن حالة طفلهما، لكنه ردّ عليهما بقوله: "الشكر الحقيقي بعد الله يجب أن يُوجّه إلى عم الطفل الواعي الذي أنقذه من براثن الجهل والتهاون، فيما كاد والداه دون قصد أن يفتكا بولدهما بسبب الثقة العمياء بالخرافة".