الكاتب، عبده حقي
ميدل إيست أونلاين
إن تصريحات الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2011، توكل كرمان، التي وصفت مشاهد الحرق والتخريب في بعض المدن المغربية بـ"مجد للشعب المغربي الثائر"، أثارت صدمة عارمة في أوساط الرأي العام بالمغرب بجميع مكوناته.
إن موقفها هذا يعكس تناقضًا صارخًا بين شعار "السلام" الذي ارتبط باسمها وبين خطاب تحريضي يبارك الفوضى ويدعو إلى إشعال نار الفتنة.
كيف يمكن لجائزة تُمنح لمن يزرع ثقافة الحوار والسلام أن تصبح غطاءً لمن يشرعن التخريب؟ إن تبرير مشاهد السيارات المحروقة والمتاجر المنهوبة بعبارات "المجد" و"الفخر" يُسقط المعنى الأخلاقي والاعتباري عن كل من يتوَّج بهذه الجائزة.
ما حدث، سيدتي، لم يكن مجدًا، بل كان تهديدًا للاستقرار، واعتداءً على الممتلكات العامة والخاصة، وفتحًا لأبواب "الفوضى الخلّاقة" التي أحرقت الأخضر واليابس في بلدكم الفقير.
من السهل أن تكتب ناشطة "حقوقية" بعيدة عن المغرب تدوينة تشيد بالمواجهات والصدامات بين شباب طائشين ورجال الأمن، لكن من يدفع الثمن هو المواطن المغربي البسيط: التاجر الذي خُرّب متجره، والموظف الذي أُحرقت سيارته، ورجل الأمن الذي كُسرت ساقه، والأم التي ارتجف قلبها خوفًا على اختفاء ابنها في مخافر الشرطة.
إن التحريض من خلف الشاشة لن يكلّف صاحبه شيئًا، بينما يزرع الانقسام والخوف في بلد لا يحتاج إلى أزمات، بل إلى المزيد من المشاريع التنموية الكبرى التي جعلته يُصنَّف ضمن الاقتصادات الناشئة والواعدة في العالم.
إن وطننا دولة ذات سيادة، وشعبه يعرف كيف يطالب بحقوقه ويصلح أوضاعه من الداخل منذ سبعة عقود من الاستقلال، دون الحاجة إلى وصاية أو تحريض خارجي من سيدة يمنية تقتات على تحويلات بالدولار من كواليس "الفوضى الخلّاقة" في المجتمعات العربية.
تحويل احتجاجات محدودة إلى "ثورة كبرى" لا يعدو كونه محاولة رخيصة ودنيئة للركوب على الأحداث وتوظيفها لصناعة بطولة إعلامية زائفة.
أمام هذا الانزلاق الخطير في الخطاب، يجب أن تتبلور اليوم دعوة واضحة إلى اتحاد كتاب المغرب، وجمعيات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، لتوحيد الجهود من أجل صياغة عريضة وطنية بمليون توقيع تُرفع إلى لجنة نوبل، تطالب بسحب الجائزة من توكل كرمان. إن جائزة نوبل للسلام لا يمكن أن تبقى في رصيد شخصية تبارك العنف والقتل وتشجع على الفتنة، لأن ذلك سوف ينسف مصداقيتها أمام الرأي العام الدولي.
ما صدر عن توكل كرمان لم يكن موقفًا مع الشعب المغربي، بل كان موقفًا ضد المغرب وأمنه واستقراره. إن الدفاع عن الحقوق لا يتم بتدمير الممتلكات، والسلام لا يُبنى من دخان النيران. من هنا، فإن الدعوة إلى عريضة مليون توقيع ليست مجرد رد فعل، بل هي رسالة إلى العالم: المغرب يرفض أن تتحول قضاياه إلى ورقة لعب في أيدي من يتاجرون بالشعارات، ويرفض أن تُستغل تضحياته لتزيين خطابات جوفاء.