خلال السنوات الماضية دفع الجنوب ثمنًا باهظًا للهجمات الإرهابية التي انطلقت من مأرب والبيضاء، وهما محافظتان ظلّ جزء منهما تحت سيطرة الإخوان وجزء آخر بيد الحوثيين. واليوم، بينما تضع القوات الجنوبية نهاية متوقعة ومشروعة لنفوذ الإخوان في وادي وصحراء حضرموت والمهرة، يصبح من الضروري التأكيد أن تأمين مأرب والبيضاء لم يعد خيارًا، بل مطلبًا يتعلق بالأمن القومي للجنوب العربي.
فاستقرار مأرب ودعم سلطة محلية حليفة فيها يمثلان خطوة استراتيجية لحماية حضرموت وشبوة على المدى القريب. والأمر ذاته ينطبق على البيضاء، حيث إن تأمينها ضرورة لتحرير مكيراس وحماية أبين ويافع. هذه ليست رؤية سياسية قابلة للأخذ والرد، بل معادلة أمنية واضحة: الجنوب لا يمكن أن يؤمّن حدوده دون تحييد مصادر التهديد القادمة من الشمال الشرقي والشمال الأوسط.
أما مستقبل الحوثيين داخل اليمن فهو شأن يخص القوى الوطنية اليمنية، غير أن الجنوب سيكون – كما كان دائمًا – حاضرًا في أي معركة فاصلة تهدف إلى إنهاء الانقلاب، تمامًا كما وقف في معركة فك حصار صنعاء في “السبعين يومًا”. لكن على المدى القريب، يبقى تأمين مأرب والبيضاء ضرورة عاجلة، ليس فقط لحماية الجنوب، بل لوضع قاعدة صلبة لانطلاق معركة تحرير صنعاء.
تحرير العاصمة سيكون محطة مفصلية تليها عودة طبيعية إلى صيغة الدولتين السابقتين، بطريقة سلمية ودون اعتراض، لأن ميزان القوى على الأرض وحسابات الإقليم تتجه في هذا الاتجاه.
أما الحديث عن مستقبل للإخوان أو الحوثيين، فهو خارج الواقع. فدول الإقليم، وعلى رأسها السعودية، تضع الإخوان على قوائم الإرهاب، فيما يُعتبر الحوثيون ذراع إيران العسكرية في المنطقة. وهذا وحده كفيل بصنع إجماع إقليمي ودولي على ضرورة إخراجهم من صنعاء… وربما من صعدة أيضًا.
#صالح_أبوعوذل