في المشهد السياسي اللبناني الذي يرزح تحت وطأة أزمات خانقة وتدخلات خارجية مباشرة، برزت النائبة اللبنانية الدكتورة غادة أيوب كشخصية برلمانية استثنائية تحمل خطابًا مختلفًا في الشكل والمضمون. فهي لا تكتفي بمجرد الظهور الخطابي أو تسجيل المواقف التقليدية، بل اختارت منذ دخولها البرلمان أن تواجه أصل الداء: هيمنة حزب الله على القرار الوطني وما ترتب عليها من انهيار اقتصادي وعزلة عربية ودولية للبنان.
مواقف جريئة ضد سلاح حزب الله
تميّزت أيوب بخطاب صريح وواضح تحت قبة البرلمان، إذ لم تتردد في تسمية الأمور بأسمائها. أكدت مرارًا أن وجود السلاح خارج إطار الدولة هو الخطر الأكبر على سيادة لبنان ووحدته الوطنية، مشددة على أن حزب الله يستخدم قوة السلاح لا لردع العدو الإسرائيلي، بل لفرض إرادته على الداخل اللبناني وإبقاء البلاد رهينة مشروع إقليمي تقوده طهران.
وترى أيوب أنّ لبنان لا يمكن أن ينهض اقتصاديًا أو سياسيًا طالما ظلّ أسير “معادلة السلاح فوق الدستور”. فهي تربط بشكل مباشر بين استمرار هيمنة حزب الله وبين عزلة لبنان عن محيطه العربي، وتراجع الثقة الدولية بمؤسساته، وانهيار الاقتصاد الذي دفع آلاف الشباب إلى الهجرة.
صوت المرأة في مواجهة الاستبداد
لا يقلّ بروز أيوب كصوت نسائي وطني أهمية عن مواقفها السياسية. فهي تقدّم نموذجًا للمرأة اللبنانية القادرة على الجمع بين الكفاءة الأكاديمية والرؤية الوطنية. حضورها البرلماني يجمع بين الهدوء والصلابة، ويؤكد أن المرأة ليست مجرد عنصر تكميلي في السياسة، بل شريك فاعل قادر على إحداث التغيير.
وقد لاقت مواقفها صدى واسعًا لدى شرائح اجتماعية مختلفة، إذ عبّر كثير من الناشطين عن أنّ صوت أيوب يعكس معاناة اللبنانيين من مصادرة القرار الوطني لمصلحة أجندات خارجية.
من لبنان إلى إيران... معركة واحدة ضد الاستبداد
اللافت أن مواقف أيوب ضد حزب الله تلاقت مع حراك شعبي متنامٍ على مستوى المنطقة والعالم ضد النظام الإيراني وسياساته التوسعية. فحزب الله ليس إلا الذراع الأبرز لطهران في لبنان، وهو ما يجعل مواجهة مشروعه جزءًا لا يتجزأ من معركة الشعوب في وجه النظام الإيراني نفسه.
وقد شهدت بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، في السادس من سبتمبر تظاهرة ضخمة شارك فيها عشرات الآلاف من الإيرانيين وأبناء الجاليات العربية والأوروبية، رفعت خلالها شعارات واضحة: رفض نظام الملالي، رفض تدخلاته في المنطقة، ودعم المقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي مشروع. وكانت مشاركة واسعة من شخصيات سياسية غربية بارزة، بينها نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس، ما أعطى الحدث زخماً دولياً لافتاً.
هذه التظاهرة لم تكن مجرد حدث عابر، بل مؤشر على أن العالم بات يدرك خطورة المشروع الإيراني على الاستقرار الإقليمي والدولي، وأن هناك إرادة متزايدة لدعم الشعب الإيراني في سعيه لنيل الحرية.
الأنظار نحو نيويورك
ومع نجاح بروكسل، تتجه الأنظار الآن إلى نيويورك، حيث ستشهد المدينة يومي الثلاثاء والأربعاء، 23 و24 سبتمبر، تظاهرات كبرى متوقعة أمام مقر الأمم المتحدة، تزامنًا مع اجتماعات الجمعية العامة. المنظمون يؤكدون أن هذه التظاهرات ستكون أوسع وأكثر زخمًا، إذ تهدف إلى نقل صوت الشعب الإيراني وشعوب المنطقة مباشرة إلى المجتمع الدولي، والتذكير بأنّ أزمة إيران لم تعد شأناً داخلياً، بل باتت تمس الأمن والسلم العالميين.
وسيكون لهذه التظاهرات، بحسب مراقبين، أثر مضاعف مع تصاعد النقاش الدولي حول الملف النووي الإيراني، وتزايد الإدانة لسياسات طهران القمعية في الداخل والداعمة للإرهاب في الخارج. فحضور آلاف المتظاهرين في شوارع نيويورك سيبعث برسالة قوية بأن الشعب الإيراني ومعه الشعوب العربية لم يعد يقبل باستمرار هيمنة الملالي ولا مشاريعهم التخريبية.
تكامل الأصوات: من بيروت إلى بروكسل ونيويورك
هكذا تتكامل صورة المشهد: في بيروت، صوت برلماني جريء تمثله النائبة غادة أيوب يواجه حزب الله ويسلط الضوء على ارتباطه بالمشروع الإيراني. في بروكسل، عشرات الآلاف من المتظاهرين يرفعون راية الحرية في وجه الملالي. وفي نيويورك، سيجتمع الصوتان معًا في تظاهرات تهدف إلى إحراج النظام الإيراني أمام العالم وتأكيد أن البديل الديمقراطي موجود، وأن الشعوب قادرة على رسم مستقبلها.
الخلاصة
إنّ النضال ضد حزب الله في لبنان لا ينفصل عن النضال ضد نظام الملالي في طهران. فكلاهما وجهان لمشروع واحد يسعى إلى مصادرة الأوطان وتحويلها إلى أدوات في خدمة أجندة توسعية. وفي مقابل هذا المشروع، تتشكل جبهة واسعة تضم أصواتًا شجاعة من داخل البرلمانات، كصوت غادة أيوب، إلى جانب أصوات الشعوب في ميادين بروكسل ونيويورك.
وهذا التكامل يفتح الباب أمام مرحلة جديدة، حيث تتحول المواجهة مع الاستبداد إلى حركة شعبية وسياسية عابرة للحدود، هدفها واضح: إيران حرة، لبنان سيد، ومنطقة آمنة بلا ميليشيات ولا استبداد.