لا أستطيع حتى اللحظة من ايجاد تفسير وطني للخطاب السياسي والإعلامي الذي تتبناه بعض الأقطاب السياسية المحسوبة على الشرعية، بما يتضمنه من مُمالأة مناطقية نحو الزبيدي، كما لم أجد أي مبرر لإعفاء الرجل من مسؤولياته الوطنية تجاه معاناة الشمال، وبوصفها أهداف أصيلة لمشاورات الرياض التي من أول أولياتها توحيد القرار العسكري نحو صنعاء .
ومن المهم أولا أن أشير إلى أن الحديث عن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد عيدروس الزبيدي، لا ينبغي أن ينحصر على قائد جنوبي معني بالجنوب فقط، بل أيضا كقائد معني بالشمال.
وبكل صدق فإن الرجل مكسب للشمال قبل الجنوب، لما يتسم به من صدق وطني خالص، وشجاعة في التعبير عن قناعاته ووضوح في أهدافه، وتسامح شديد الإيمان بحق الاختلاف والنقد ولي تجربة شخصية معه، زاد بموجبها احترامي له.
لذلك من الإنصاف أن نتحدث عن رجل قدم تنازلات كبيرة في سبيل اضعاف المشروع الحوثي، وحتى في سياق تحالفاته مع قوى سياسية ضعيفة الإيمان بمشروعه تجده حريصا على حمايتها من نوازع المرواغة السياسة قصيرة الوعي يالنتائج المترتبة على مشروع المواجهة الوطنية مع المليشيات الحوثية ذات الأجندات الإيرانية، وكأنه يحاول أن يحميها من ضعفها مقارنة بما يمتلكه الطرف الآخر من الأرض والقوة العسكرية.
لذلك فإن الحفاظ على هذا الرجل والالتفاف حوله في هذه المرحلة الحاسمة هو خيار أمثل لكل من يهمه أمر الوطن شمالا وجنوبا، لا سيما وأن الهدف الذي يتباه اليوم يعكس إرادة سياسية وعسكرية نحو تخليص الشمال من أعباء عشر سنوات سوداء سادها الظلم والاضطهاد والتمزق.
والأهم من منظور المصلحة الوطنية الراهنة أن يدرك الجميع أن الخلاف السياسي حول القضايا المركزي كالقضية الجنوبية لا يمكن مقارنته بالخلاف مع قوى ثيوقراطية مختلفة لن تقبل بأن يعيش أحد على أي أرض تحكمها، وهنا يجب الإشارة بتقدير واحترام للقوى السياسية التي ادركت مغبة الانجرار خلف نزق خطابات سياسية وإعلامية غير واعية بالتبعات الوجودية عليها هنا وهناك، وفي مقدمتها المكتب السياسي للمقاومة الوطنية التي تفوقت على الأحزاب السياسية الأخرى بنضج وطني كبير وإدراك عميق بنفاد الخيارات السياسية مع قوى لا تؤمن إلا بالقوة، فضلا عن أن ما ساد المرحلة السابقة من ترهل في الأهداف الوطنية مثل محركا حقيقا لخلق واقع عسكري جديد يتطلب الدعم والمساندة.
وأخيرا أدرك أنني لن أنجو من سهام الاتهام بالتطبيل، وهذا لا يهم أكثر من أهمية قول كلمة حق وانصاف في مرحلة تحمل بشائر خير للشمال قبل الجنوب.
جمال حيدره
من صفحة الكاتب على موقع فيس بوك