بينما يترقب المزارع اليمني موسم الحصاد كفرصة وحيدة لتأمين قوت أسرته وتغطية تكاليف الزراعة الباهظة، يجد مزارعو مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة أنفسهم في مواجهة ضغوط قاسية تمحو ثمرة تعبهم. فبدلاً من أن تتحول محاصيل التمور إلى مصدر رزق يحميهم من شبح الجوع والفقر، تُنتزع قسرًا منهم لتُساق إلى جبهات القتال تحت مسمى "قوافل غذائية"، تاركة خلفها وجوهًا متعبة وأرضًا مثقلة بالخذلان.
أكدت مصادر محلية أن مليشيا الحوثي الإرهابية أجبرت مزارعي الدريهمي على تقديم كميات كبيرة من محصول التمور مجانًا، في إطار ما تسميه "قوافل غذائية" لدعم مقاتليها. ووفقًا للمصادر، فقد سيّرت المليشيا خلال الأيام الماضية ثالث قافلة تمور من المديرية خلال أقل من شهر واحد، في خطوة اعتبرها الأهالي استمرارًا لسياسة الجباية القسرية التي تستنزف جهودهم وإنتاجهم.
وأضافت المصادر أن عملية التحشيد جرت بإشراف مباشر من قيادات حوثية تتبع ما تسمى "شعبة التعبئة"، وهي الجهة التي تتولى تنظيم حملات فرض الجبايات وإجبار السكان على تقديم ما بحوزتهم من محاصيل أو أموال بذريعة دعم "المجهود الحربي".
ويعاني مزارعو الحديدة من أزمة إنتاج خانقة ناجمة عن ارتفاع تكاليف الزراعة والري ونقص المدخلات الزراعية، فضلًا عن تردي البنية التحتية والخدمات. وفي ظل هذه الظروف، يأتي فرض المليشيا لمثل هذه "القوافل" ليضاعف الأعباء، حيث يجد كثير من المزارعين أنفسهم مضطرين لبيع منتجاتهم بأسعار زهيدة أو حتى العزوف عن مواسم الزراعة نتيجة الخسائر المتكررة.
ويرى الأهالي أن استمرار هذه الممارسات يهدد الأمن الغذائي المحلي ويجعل حياة المزارعين أكثر هشاشة. فبدلًا من دعمهم وتشجيعهم على مواصلة العمل في أراضيهم، تُصادر جهودهم لصالح حرب لا تعنيهم، فيما يظل الفلاح البسيط هو الخاسر الأكبر، بين مطرقة التكاليف الباهظة وسندان الجبايات القسرية.