في الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام، تجدد ميليشيا الحوثي طقوس فرض الوهم والكهنوت على المواطنين في مناطق سيطرتها، مجندة مقدرات الدولة المنهوبة لإحياء ما تسميه بـ"يوم الولاية" أو "غدير خُم"، في مشهد عبثي يستفز ملايين اليمنيين الذين يعانون الجوع والفقر وانقطاع المرتبات منذ عشر سنوات.
وفي الوقت الذي يعيش فيه الشعب تحت وطأة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب تقارير الأمم المتحدة، تنفق الميليشيا مئات المليارات من الريالات على فعالياتها الطائفية، بدلًا من توجيه تلك الأموال لصرف رواتب الموظفين أو تحسين الأوضاع المعيشية المنهارة.
وتفاعل جمهور واسع من السياسيين والمثقفين والإعلاميين والنشطاء داخل اليمن وخارجه مع المناسبة، واصفينها بأنها "خرافة كهنوتية تستهدف هوية الجمهورية وتتنافى مع مفهوم الدولة، وتعزز نظام التمييز السلالي على حساب المساواة والعدالة والحق الشعبي في اختيار من يحكمه".
وفي منشورات متطابقة رصدتها وسائل التواصل الاجتماعي، أكد ناشطون أن مليشيا الحوثي ليست سوى "موجة عنصرية مضادة للجمهورية، تمارس الإرهاب السياسي والديني والاقتصادي باسم الاصطفاء الإلهي، وتستخدم الدين غطاءً للهيمنة والنهب والإقصاء".
ودعا المشاركون في الحراك الإلكتروني إلى توحيد الصف الوطني لمواجهة هذه الأفكار المستوردة والخرافات السلالية، والعمل الجاد من أجل استعادة الدولة والجمهورية، والانتصار لمبادئ ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين.
وأكدوا أن "الأمر شورى، والحاكم يُنتخب من قبل الشعب، لا يُفرض على الناس وفقًا لنظرية البطنين"، مشددين على أن محاولات فرض الحكم الوراثي الكهنوتي تتناقض مع الشريعة، وتتصادم مع الدستور اليمني، وتتنكر لدماء الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن الحرية والعدالة.
ووجّه ناشطون دعوة حاسمة إلى العلماء والدعاة والمفكرين وخطباء المنابر، لأداء دورهم في التصدي للفكر العنصري الذي جرّ البلاد إلى الحروب والدماء والخراب، مشيرين إلى أن "صمت النخبة الثقافية والفكرية هو ما يمنح الكهنوت فرصة إعادة إنتاج خرافاته كل عام".
وأشادوا في الوقت نفسه بالإجماع الشعبي الواسع الرافض للاحتفالات الحوثية بيوم "الولاية"، داعين إلى تصعيد حالة الوعي الجماهيري لمواجهة محاولات طمس الهوية الوطنية وفرض سلطة غير شرعية تقوم على التمييز والادعاءات الزائفة بالحكم الإلهي.
"لن تستقيم اليمن تحت سلطة تدّعي الحق الإلهي، وتقصي بقية الشعب من الحكم والكرامة والحرية" – بهذه العبارة ختم أحد الناشطين منشوره في دعوة متجددة لرفض الكهنوت وإسقاط خرافاته.