تصعيد جديد لسياسة الابتزاز المنظم، شنت المليشيات الحوثية في العاصمة المحتلة صنعاء حملة تعسفية طالت قطاع مياه الشرب، حيث قامت بإغلاق 12 معملاً لمعالجة المياه تحت ذرائع واهية، وفقاً لمصادر محلية مطلعة.
بدأت الحملة مع أول أيام عيد الأضحى المبارك، إذ انتشرت فرق تابعة لما يسمى "هيئة الموارد المائية" و"صحة البيئة" في أحياء صنعاء، مستهدفة معامل المياه في مديريات معين وآزال والتحرير. ورافق هذه الحملة تهديدات مسلحة وفرض إتاوات مالية على أصحاب هذه المعامل.
و كشفت مصادر محلية، أن المليشيات تستخدم ذرائع مختلفة لفرض إتاواتها، حيث تارة تطلب "تمويل الجبهات"، وتارة أخرى تتحدث عن "تسديد مخالفات مزعومة"، وثالثة تدعو إلى "دعم المجهود الحربي". هذه الممارسات تأتي في إطار سياسة منهجية تتبعها الجماعة لاستنزاف القطاع الخاص.
في شهادة صادمة لأحد ملاك المعامل، والذي رفض الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، قال: "جعلونا بين خيارين مريرين: إما دفع مبالغ طائلة تتزايد بشكل تعسفي، أو مواجهة الإغلاق الفوري والاعتقال. لم تكن التهديدات لفظية فحسب، بل كان السلاح حاضراً في كل زيارة لهم، مما جعل الموقف أكثر إرهاباً".
تأتي هذه الإجراءات التعسفية في وقت يعاني فيه أكثر من 17 مليون يمني من نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، حيث تتفاقم أزمات صحية خطيرة مثل الكوليرا وسوء التغذية بسبب تلوث المياه. وتشير الإحصاءات إلى أن 17.3 مليون شخص في اليمن بحاجة ماسة لخدمات المياه والصرف الصحي.
من جهتها، حذرت الأمم المتحدة من أن 4.1 مليون فتاة و4.3 مليون فتى في اليمن معرضون لأمراض خطيرة بسبب تلوث المياه، فيما أشار البنك الدولي إلى أن اليمن من بين أكثر الدول معاناة من شح المياه في العالم، محذراً من كارثة إنسانية تهدد الأجيال القادمة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة.
تعود جذور هذه الأزمة إلى سياسة المليشيات في دمج المؤسسات الحكومية بشكل عشوائي، والتنافس بين عناصر الجماعة على موارد الابتزاز، واستمرار الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت منذ انقلابها على الشرعية في عام 2014.
ويشار إلى أن أزمة المياه في اليمن تتفاقم سنة بعد أخرى، فيما تواصل المليشيات سياساتها القمعية التي تزيد الأوضاع سوءاً، وسط صمت دولي يثير الاستغراب والاستنكار.