فضيحة جديدة تضاف لسجل المليشيا الحوثية الملطخ بالفساد والغش، عادت طواحين "الكلنكر" المشبوهة إلى الواجهة بقوة في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد أن استغلت المليشيا توقف مصنعي إسمنت عمران وباجل جراء غارات جوية إسرائيلية، لتغرق الأسواق بمنتج إسمنتي رديء ومغشوش يهدد سلامة الأرواح والمباني.
و"الكلنكر" هي مادة أولية تدخل في صناعة الإسمنت، إلا أن ما تفعله المليشيا الحوثية هو طحن هذه المادة منفردة وتعبئتها في أكياس تحمل علامات تجارية مزيفة على أنها إسمنت جاهز، في عملية نصب واحتيال موصوفة على المواطنين، تدرّ أرباحًا طائلة على قياداتها المتورطة.
مصادر رقابية كشفت أن غالبية هذه الطواحين تعمل في مناطق ريفية، بعضها في ضواحي صنعاء وذمار وحجة، بإشراف مباشر من قيادات حوثية نافذة، وبدون أي تراخيص رسمية أو رقابة فنية. الأخطر من ذلك، أن الكلنكر المستخدم في هذه الطواحين مستورد من مصادر رديئة الجودة، سبق وتم حجز بعضها في المنافذ الجمركية بين 2019 و2021، قبل أن تُفرج عنها أوامر مباشرة من قيادات حوثية على رأسها وزير الصناعة الحوثي السابق محمد المطهر.
وفي الوقت الذي يعيش فيه اليمنيون أزمات اقتصادية خانقة، ارتفعت أسعار الإسمنت بشكل مفاجئ عقب توقف مصنعي باجل وعمران، في خطوة مدروسة يقول مراقبون إنها هدفت لتوجيه المستهلك نحو إسمنت الكلنكر المغشوش، الذي يتم تعبئته في أكياس مزيفة على أنه إسمنت وطني أو حتى مستورد من مصر، رغم حظر الاستيراد الخارجي منذ يوليو 2023.
تسريبات تجارية أكدت أن مليشيا الحوثي سمحت للوكلاء بتخزين كميات من الإسمنت الجيد لخلق أزمة مصطنعة في السوق، بهدف فتح الباب لطواحين الكلنكر الرديئة، التي تحقق لهم أرباحاً مضاعفة على حساب حياة المواطنين الذين قد ينهار عليهم سقف كل منزل شيّد بهذا المنتج المغشوش.
وفي أحدث فصول هذه الفضيحة، كشف مصدر أمني عن قيام نقطة أمنية في البيضاء بحجز شاحنة كلنكر غير مرخصة، إلا أنه تم الإفراج عنها بضغط مباشر من العمليات المركزية للمليشيا، ما يعكس حجم التورط الرسمي في تسهيل عمليات التهريب.
وتشير تقارير متعددة إلى أن هناك ما لا يقل عن ست طواحين كلنكر تعمل في صنعاء وذمار وحجة، دخلت البلاد في الفترة من 2018 إلى 2022 تحت غطاء "مصانع إسمنت"، لكنها تحولت إلى أوكار غش واستغلال تفتك بالاقتصاد الوطني وتضرب الثقة بالمنتجات المحلية.
الجريمة لا تتوقف هنا؛ بل إن بعض هذه الطواحين تقوم بتعبئة الإسمنت في أكياس تعود لمصانع حكومية متوقفة مثل مصنع إسمنت البرح، في محاولة مكشوفة لخداع المستهلكين.
وبينما يدفع المواطن اليمني حياته ثمناً لهذا الغش، تواصل المليشيا الحوثية صفقاتها المشبوهة، ضاربة بعرض الحائط كل القيم الأخلاقية والوطنية، لتتحول حتى مادة البناء إلى وسيلة للقتل البطيء.
المصدر: النقار