وكأننا أمام حدث يعيد التذكير بنفسه ، وتحريك الذاكرة إلى ذات عام ستيني تساقطت فيه المناطق تباعاً ، وتم فرض أمر واقع عارضته بريطانيا ،ولكنها لم تستطع تغيير حيثياته ونتائجه على الارض وفي أفق السياسة. 3 ديسمبر يتشابه بهذا القدر أو ذاك مع تلك المحطة ،مع تغيير الوجوه والجهة المستعمرة.
تجري عمليات صناعة مايشبه عمليات الإلتفاف ، وإعادة حركة الأحداث إلى ماقبل ديسمبر ، بفرض قوى تحل محل القوات الجنوبية ، وممارسة شتى أنواع الضغوط ،بما في ذلك التلويح بتفجير الحرب الداخلية مرةً ثانية ، هذه المرة بين الإنتقالي وقوات الدرع وهي قوات جنوبية بقفازات سعودية.
في الجنوب هناك أمر واقع جديد ، وسلطة تم فرضها لا استجدائها ، وبالتالي نزعها من يد القوى الجديدة الصاعدة إلى واجهة المشهد ، سيقود إلى مواجهات حقيقية ، مالم يرضخ المستوى السياسي للإنتقالي كما يُراد له ، ويقبل التراجع مقابل التزامات تتناسب ووزن هذا المتغير، أي الوعود بحزمة جوائز ذات عمق إستراتيجي ، متعهدات بسقف زمني لحل القضية الجنوبية وفق مشروع الانتقالي أي دولة لا كيان مستقل. .
رحيل رئيس المجلس الرئاسي ، وانسحاب شخصيات قبلية عسكرية وازنه في المجلس، من واجهة التصعيد إلى التسليم بالأمر الواقع الجديد ، وإعلان عدم خوضهم لحرب مع القوات الجنوبية كالعرادة وطارق صالح ، الأخير في مواقفه أقرب للانتقالي، يرسم مساراً خاصاً لقادم الحدث ، عنوانه الجنوب مستقلاً دون بيان إعلان الاستقلال ، وإن لتعسف الوقائع، ومحاولة العودة لما بعد ثلاثة ديسمبر، له تبعات خطيرة وإن بدرع الوطن :
كشف ظهر حضرموت أمنياً وعسكرياً.
وجود فراغ سيملأه الحوثي بقليل من العمليات الميدانية.
فتح دروب التهريب على مصراعيها ، تهريب السلاح النوعي والمخدرات وهو هاجس يمس أمن الجوار.
خياران منقوص منهما فرض إنسحاب القوة:
حوارات مكثفة مع الإنتقالي تديرها الرياض.
وفي خط مواز تفاهمات سعودية إماراتية، لرسم خارطة موازين القوى بالتوافق ببين العاصمتين.
الخطر البديل:
تغيير الموقف السعودي والزج بطيرانه ضد الانتقالي.
العمل العسكري المشترك الحوثي الإخواني جنوباً ، فالأول لاستباق عدم ترتيب الأوضاع بصورة نهائية والتمدد نحو مثلث الثروة ، والثاني لوقف تداعيات وانهيار سلطته في مناطق سيطرته على خلفية ماحدث في حضرموت والمهرة .
الآن الجنوب مستقل بمقاييس الجغرافيا ، ولكن إعلان إستقلاله السياسي الناجز ، يحتاج إلى غطاء دولي إقليمي ،وهو مالم يتوفر حتى اللحظة ، ومع ذلك بمعطى المتغير الراهن الجنوب سلطة أمر واقع .