تمر اليمن ،اليوم، بمرحلة دقيقة تستدعي من جميع القوى والمكونات الجمهورية الوقوف أمام مسؤوليتها الوطنية والتاريخية. فالأوضاع التي يعيشها الشعب اليمني، وما يواجهه من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية، لم تعد تحتمل مزيدًا من الانقسام أو التراخي. إن الأخطار التي تشكلها المليشيات الحوثية على حاضر اليمن ومستقبله، تفرض على الجميع التوحد تحت شعار واحد وواضح: "الحوثي عدونا، وصنعاء هدفنا ووجهتنا".
لقد أثبتت التجارب خلال السنوات الماضية أن الانقسام داخل الصف الجمهوري كان دائمًا الثغرة التي نفذت منها المليشيات لتعميق سيطرتها وتوسيع نفوذها. لذلك فإن وحدة الموقف، وتنسيق الجهود، وتوحيد الخطاب والإرادة ليست خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية ملحة. فلا يمكن لأي طرف أن يحقق نصراً منفردًا، ولا يمكن لأي مشروع أن ينجح إذا ظل أسير الحسابات الضيقة والولاءات الجزئية.
إن المرحلة تتطلب تسخير كل الإمكانات والطاقات لخدمة المعركة الجمهورية، وتهيئة البيئة السياسية والعسكرية والإعلامية التي تمكن من استعادة العاصمة صنعاء، باعتبارها جوهر الدولة ورمز سيادتها ومركز ثقلها السياسي. كما يجب وقف كل أشكال الصراع البيني بين المكونات الجمهورية، والابتعاد عن المناكفات والمزايدات التي لا يستفيد منها سوى المليشيات الكهنوتية الحوثية.
وفي الوقت ذاته، لا بد من وقف خطاب العداء من بعض المكونات السياسية تجاه دول التحالف العربي، التي قدمت الكثير من الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي للشعب اليمني وحكومته الشرعية. فاستعادة الثقة مع التحالف تمثل خطوة أساسية لإعادة الزخم للمعركة الوطنية، واستعادة الدعم الذي يشكل عنصرًا حاسمًا في مواجهة مشروع المليشيات.
وعندما يضع الجميع المصلحة الوطنية العليا فوق المصالح الحزبية والشخصية، ويعزمون بصدق على تحرير ما تبقى من المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، سيفتح الأفق أمام اليمنيين لاستعادة دولتهم ومؤسساتهم. عندها فقط سيقف الشعب اليمني بكل مكوناته خلف قيادته الشرعية، وسيتوحد الجهد الداخلي مع الإسناد الإقليمي والدولي لإنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة، وفتح الطريق أمام بناء يمن جديد قائم على العدالة والمواطنة والشراكة.
إن اللحظة تتطلب قرارًا شجاعًا ووحدة صادقة. فالوطن أكبر من الجميع، وصنعاء تنتظر من يحمل راية جمهوريتها.