المُحزن في وفاة الفنان / علي عنبة انها أتت بعد فترة قصيرة من وفاة الفنان / محمد مشعجل ، وهما برأيي يمكن ان نقول أنهما من أواخر الفنانين العظماء ظهوراً على الساحة.
عظمة الفنان – طبعاً برأيي الشخصي – تَكمُن في قدرته على ان يخط لنفسه خطاً فنياً خاصاً به ، ولا يكتفي بالبقاء عالة على التراث او على انتاج من سبقوه، وهذا ما فعله عنبة و مشعجل.
فقد اختارا لأنفسهما التميز بنكهة خاصة في الغناء من خلال اختيار نسق متقارب لكلمات وألحان اغانيهما الخاصة بما يتلاءم مع امكانياتهما الفنية ، تحولت مع الزمن الى ما يشبه بصمة خاصة ، يمكن ان نتعرف على اغانيهما حتى بصوت فنان آخر.
وهذا بالضبط ما فعله قامات الغناء اليمني الراحلون منهم كأبوبكر سالم ، فيصل علوي ، الحارثي ، السمة ، الأنسي ، المرشدي ، محمد سعد عبدالله ، او الأحياء حالياً كأيوب طارش ، عبدالباسط عبسي ، عطروش ، السنيدار ، فؤاد الكبسي.
أسماء يمكن ان نقول ان كل واحد منهم صنع او ابتكر لوناً غنائياً خاصاً به يميزه عن الباقيين في حياته ، وأرثاً فنياً سيبقى لأجيال قادمة بعد رحيله.
وما يحزن حقاً ان ذلك غائب تماماً من الفنانين الذي ظهروا على الساحة خلال العشر او العشرين السنة الأخيرة ، فهم للأسف - وبدون ذكر أسماء – نراهم نسخاً متشابهة في الأداء وحتى في المظهر دون أي تميز فني ، بل ان بعضهم يمكن ان نقول انه اشبه بجهاز (MP3) يبث أغاني التراث ومن سبقوه.
وبرأيي ان الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء الشباب كان تركيزهم على المال اكثر من الابداع والتمييز ، وتحول المال بالنسبة لهم الى غاية وليس وسيلة فقط للاستمرار والابداع الفني ، لذا لن تجد لديهم أي مخزون فني خاص بهم ، بل أنهم ربما مجتمعين لم يقدموا حتى الان أغاني بعدد ما قدمه الفنان علي عنبة.
وهذا على عكس حال من تركوا لهم بصمة فنية ممن اشرنا لهم سابقاً ، بل ان بعضهم عاش حياة مادية قاسية جعلته يعجز في أيامه الأخيرة امام تكاليف العلاج ورحل تاركاً تراثاً فنياً خالداً بعشرات او ربما مئات الأغاني التي ستبقى خالدة في وجدان اليمنيين ، طبعاً بعض الأحياء يعاني من ذات الأمر.
رحم الله عنبة ومشعجل ومن سبقهم من العظماء ، واطال الله بعمر الباقيين ، والهداية لجيل الشباب.