آخر تحديث :الجمعة-28 نوفمبر 2025-12:23ص

لماذا لا تتصالح النخب؟

الجمعة - 28 نوفمبر 2025 - الساعة 12:21 ص

مطيع الاصهب
بقلم: مطيع الاصهب
- ارشيف الكاتب


اليمن بين شتات النخب وغصه الوطن ، يوشك البلد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، و وطن تتساقط أطرافه مثل جسد أنهكه المرض،

لا تزال نخب اليمن تتشاجر كما لو أن الزمن ملكها، وكأن الأرض التي تحترق تحت أقدام اليمنيين ليست شأنًا يعنيها.


منذ سنوات، واليمنيون يكتوون بنار الحرب والفقر والجوع، بينما بعض النخب يعيشون في جحور مصالحهم، يتبادلون الاتهامات، يوزعون الوطنية بالمقاس، ويتنقلون بين الولاءات كما يتنقل المرء بين المحطات بحثا عن مكسب أو منصب، وكأن اليمن ليس وطنهم بل غنيمة تنتظر من يلتهمها.


ويسأل الشارع اليمني بصوت يزداد قهرا كل يوم: لماذا لا تتصالح نخب اليمن؟

لماذا لا يجتمع قادتنا على كلمة واحدة؟

هل أصبح الكرسي أعز عليهم من الإنسان؟

أم أن دماء الناس لم تعد تهز فيهم ذرة ضمير؟


الحقيقة المُهينة هي: أن كثير من نخبنا لم يعودوا يرون اليمن إلا كممر لمجد شخصي، أو بوابة لثروة، أو منصة لإثبات الذات.

تاجروا بالوطن، تاجروا بدماء شبابه، تاجروا بأحلام أطفاله، وها هم اليوم يتاجرون حتى بخرابه.

السياسة عندهم ليست مسؤولية بل سلاح. ليست بناء بل هدم.

ليست إدارة اختلاف بل تصفية حساب.

يتقنون صناعة الخصومة أكثر مما يتقنون صناعة الحل، ويتباهون بالمواقف الصلبة التي لا تسمن وطنًا ولا تغنيه، بينما البلد يتساقط كأوراق الخريف.

استخدموا الدين حين احتاجوا، ورفعوا راية المظلومية حين نفعت،

ولم يسأل أحدهم نفسه: كم مواطنا جاع بسبب هذه المهاترات؟..كم بيتا تهدم؟

كم شابًا ضاع مستقبله؟

وكم من اليمن تبقى أصلًا ليقسم؟


أراد المواطن أن تكون الحرب فرصة لوعي جديد، فإذا بها تكشفهم على حقيقتهم: لا يريدون تسوية إلا إن كانت مفصلة على مقاسهم.

لا يريدون شراكة إلا إن كانت تبقيهم سادة.

لا يريدون وطنًا قويًا بل وطنًا ضعيفًا يسهل التحكم به.

وفي ظل هذا العبث، اليمن ينهار أمام عيونهم وكأن الأمر لا يعنيهم.


الشعب يتقلب بين الجوع والقهر، والدولة تتآكل، والمؤسسات تنقرض، والقرار اليمني بات يكتب في الخارج لأن الداخل غارق في خلافاته البدائية.

ومع كل هذا الخراب، ما زالت بعض النخب تتحدث عن أحقية ومشروع ومن يمثل ومن لا يمثل، وكأن الزمن سيقف ينتظرهم حتى يشبعوا من نزاعهم.


لهذا نقولها الآن بصوت غاضب لا يلين:

تصالحوا..

اتقوا الله في شعبكم..

اتقوا دماء أبنائكم..

اتركوا كبرياءكم السخيف..

اتركوا جشعكم الذي مزق الوطن..

تصالحوا قبل أن يُكتب تاريخ اليمن بدونكم،وقبل أن تتحول مقاعدكم، التي تتصارعون عليها اليوم، إلى شاهد قبر على وطنٍ دمرتموه بأيديكم.