آخر تحديث :السبت-07 سبتمبر 2024-12:33م

وجهة نظر في تصريحات الدكتور محمد حلبوب

الإثنين - 05 أغسطس 2024 - الساعة 12:59 ص

وحيد الفودعي
بقلم: وحيد الفودعي
- ارشيف الكاتب


الدكتور محمد حلبوب، شخصية أكاديمية قبل أن يكون مصرفياً، عمل في أهم مؤسسة مالية حكومية كرئيس مجلس إدارتها. تحليلي لجزء من مقابلته الرائعة ليس انتقاصاً من شخصيته وخبرته، بل هو توضيح لحقائق عن هذه المقابلة التي شغلت الرأي العام لأسابيع، وخصصت القنوات الفضائية اليمنية ساعات طويلة لمناقشتها وما ورد فيها من أرقام.

في 9 يوليو، استضاف راديو عدن الغد الدكتور محمد حلبوب، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني. في سؤاله عن أسباب انهيار العملة، حدد الدكتور حلبوب ثلاث ثقوب سوداء هي السبب الرئيسي في انهيار سعر الصرف في مناطق الشرعية. فيما يلي ملخص بأهم ما ورد في حديثه عن هذه الثقوب السوداء التي تؤثر على سعر الصرف:

1. أن اليمن تنفق تقريبا 96 مليار ريال شهرياً على الكهرباء، أي ما يعادل 1.152 ترليون ريال سنوياً، وتشكل هذه النفقات 31% من نفقات الدولة حسب قوله في عام 2023.

2. أن اليمن تنفق 815 مليار ريال سنوياً على ما أسماه "الإعاشة"، وهي مدفوعات لمسؤولين عاطلين عن العمل، وهو ما اعتبره مخالفة للدستور. ثم قدّرها بالدولار بنحو 12 مليون دولار شهرياً.
3. الثقب الثالث هو معاشات المتقاعدين، حيث يرى ضرورة إحلالهم بشباب.

أولاً: ما أتفق معه فيه

اتفق مع ما ورد في مقابلة الدكتور بأن هناك فساداً مستشرياً في أروقة الشرعية، وأن ما يدفع للكهرباء يفوق الوصف، حيث يمكن أن يُستثمر في مشاريع كهرباء مستدامة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي يمكنها تغذية المدن اليمنية، خصوصاً العاصمة عدن، لعشرات السنين، بدلاً من إنفاقه كمصاريف شهرية على الديزل والمازوت لمحطات الطاقة.
كما اتفق معه على موضوع الإعاشة بالدولار وعدم قانونيتها ومخالفتها للدستور، وأيضاً على أنها تُصرف لمسؤولين عاطلين عن العمل يعيشون في دول مختلفة منها مصر، وسأخصص مقال لموضوع الاعاشة في قادم الأيام باذن الله.

ثانياً: ما أختلف معه فيه

1. مصداقية النسب:
قال الدكتور إن مصاريف الكهرباء تبلغ 1.152 ترليون ريال سنوياً وتشكل 31% من نفقات الدولة، ما يعني أن نفقات الدولة تساوي 3.716 تريليون ريال. كما ذكر أن مصاريف الإعاشة تبلغ 815 مليار ريال سنوياً وتشكل 25% من نفقات الدولة، ما يعني أن نفقات الدولة تساوي 3.26 تريليون ريال. هناك تناقض واضح بين نفقات الدولة التي اشتقت منها نسبة مصاريف الكهرباء ونفقات الدولة التي اشتقت منها نسبة مصاريف الإعاشة.

2. مصداقية الأرقام:
ذكر الدكتور أن مصاريف الإعاشة تبلغ 815 مليار ريال سنوياً، وقدرها بالدولار بنحو 12 مليون دولار شهرياً. إذا حوّلنا الدولار إلى الريال بمتوسط سعر صرف 1380 ريال، فإن 12 مليون دولار تساوي حوالي 16.560 مليار ريال شهرياً، أي 199 مليار ريال سنوياً. هذا الرقم بعيد جداً عن الرقم السنوي 815 مليار ريال الذي ذكره الدكتور، مما يشير إلى تناقض كبير بين المبلغ المدفوع كإعاشة بالريال والمبلغ بالدولار.

3. رواتب المتقاعدين:
تحدث الدكتور عن رواتب المتقاعدين كثقب أسود يؤثر على سعر الصرف، وأنه يجب إحلالهم بدماء شابة. لا أرى كيف يمكن أن تؤثر رواتب المتقاعدين على سعر الصرف. نسبة 15% من الموازنة تذهب للمتقاعدين، وهو رقم يقدر بنحو 45 مليار ريال شهرياً، وهذا ليس دقيقاً. كما أن رواتب المتقاعدين تُدفع من صندوق التقاعد. أما موضوع إحلالهم بدماء شابة، فإن توظيف جديد يؤدي إلى أعباء جديدة على الدولة مع ثبات الأعباء الحالية، مما لا يحل المشكلة بل يفاقمها.

4. التأثير على سعر الصرف:
تحدث الدكتور عن أن سعر الصرف تأثر بشكل مباشر بهذه النفقات، ولكن الصحيح أن سعر الصرف تأثر بشكل رئيسي بتوقف صادرات النفط. هذه النفقات كانت موجودة سابقاً عندما كان سعر الصرف مستقراً، مثل عام 2022. هي تساهم في تدهور العملة بلا شك، لكنها ليست السبب الرئيسي.

نتمنى أن نكون قد وفقنا في تحليل جزء هام من مقابلة الدكتور محمد حلبوب، وكان من المفترض أن نقوم بذلك في حينها، ولكن انشغالنا بقرارات البنك المركزي جعلنا نؤجل هذا التحليل لليوم.

وحيد الفودعي
باحث ومحلل اقتصادي