نحن جميعاً نحتاج للتهدئة وخفض التصعيد بين الجارة السعودية والمجلس الإنتقالي الجنوبي ، وإبقاء حركية الأحداث تحت السيطرة وفي حدود السقف الآمن.
أي انفراط أو تصعيد غير محسوب جيداً ، سيمضي ليس في مربع الجنوب بل في كل مفاصل التسوية، نحو دروب مجهولة وأكثر إستعصاء لجهة إيجاد مسود حل توافقي ، ينهي سنوات العشر العجاف من حرب ،صارت تمتلك القدرة على استيلاد من داخلها حروبها الصغيرة المتعددة.
لا مصلحة لكل اللاعبين والمتداخلين في الملف الجنوبي، دفع الأمور نحو الإنفلات ، ومناقلة طاولة الحوار بساحات الاحتراب ، وأقلمة الصراع شرق جنوب الخارطة، بدفع السعودية نحو الانخراط العنيف والمسلح.
في الجنوب ليس بندقية تدير دولاب المواجهة، بل هناك ثقل شعبي جارف يقف ويسند البندقية، ويسيج مشروع الانتقالي بالقبول ، حضور الميادين المليونية في إي تقييم للوضع الراهن المحتقن بين الرياض وعدن، لابد وأن يؤخذ في حسابات القوة ككفة مرجحة.
الطبيعي في اعادة تركيب أجزاء اللوحة، أن يتجه مؤشر السهم الجمعي، صوب صنعاء ، لا حضرموت ، فالمدينة محررة،وليس من الحكمة أو الإيجابية المضافة لمجمل الصراع تحرير المحرر ، ففعل كهذا هدر دم يصرفه الانقلاب شراءً للوقت والتقاطاً للأنفاس ، والاستعداد لمعاودة الكر نحو مناطق الثروات والمحافظات المحررة ، مستفيداً من الأضعاف البيني المتبادل.
حضرموت والرياض تعلم ذلك جيداً كانت مصدر خطر على امنها القومي من خلال طرق التهريب للسلاح والإرهاب والمخدرات ، فتأمينها إضافة للمهرة ،من قُبل القوات الجنوبية يعزز ولا يضعف امن الرياض الداخلي.
تجليات المشهد يحتاج إلى مقاربات عقلانية، تحيد السلاح وخيار القوة ، وتمضي نحو التهدئة أولاً، ومن ثم البحث عن مشتركات الحل وهي حاضرة ومتعددة وقابلة للتوافق.
بيان المجلس الإنتقالي كان سياسياً حريصاً على صون الشراكات ،والحفاظ على مصالح الرياض ،مع التمسك بأمن واستقرار وحقوق الجنوب ، وهي لغة مرنة لاتنتمي للعاطفة ولا حتى لضغط مطالب الميادين ، بالذهاب بالمشروع إلى أقصى مداه، وهو الإعلان الفوري لفك الارتباط.
قوات درع الوطن في بيانها اليوم، سجلت نقطة إطمئنان بقولها لا إحتراب جنوبي جنوبي ، وهو مايفتح كوة في الإنسداد السياسي ويفسح المجال على مقاربة الحل الوسط.
أمام هذه الإشارات المنفتحة ، فان دفع بعض قوى المجلس الرئاسي لعجلة الحرب واستدعاءها بحماسة ، هو خطيئة، لأنها لن توفر الاستقرار جنوباً ،وبرفض شعبي لن تمكن أي أحد في الشرعية الحكم من المناطق المحررة.