آخر تحديث :الأحد-28 ديسمبر 2025-10:40م

وجعٌ بلا صدى .. حزنٌ بلا مدى

الأحد - 28 ديسمبر 2025 - الساعة 08:44 م

حمود خالد الصوفي
بقلم: حمود خالد الصوفي
- ارشيف الكاتب


عاد الحنين أثقل من قدرتي على الاحتمال،

وأطبق الليل على صدري، ومضى دون أن يمنحني فرصة ً لأنام ..بل لأغمض عيني بعد أن شُبِّهَ لي بأني لن أنام بعد رحيلك...

عامٌ مضى على رحيلك يا حكيم

عامٌ كاملٌ مثقلٌ بالألم الصامت والدمع الخجول

أتنفّس وجعك فقط،

فلا الهواء بعدك مريحٌ،

ولا الصباح يشبه ما كان.

اااااه يا عبدالحكيم…

يا للإسم الذي نطقته أول مرة فامتلأتُ فخرًا،

ورافقته على المحبة،

ثم ودّعته بقلبٍ مكسورٍ لا يجيد الوداع.

سمّيتك على المجد،

حالماً أن تكون أنت المجد كلّه،

لتصبح رمزي الأنيق،

وسقفي العالي،

وحكمتي التي تمشي على قدمين.

يا حكيم…

كم كان اسمك يشبهك:

براءة ٌ في الصغر،

وقلبٌ أوسع من العمر،

ونقاءٌ إذا مرّ… جبر الخاطرَ وأزاح التعب .

كنتَ أقرب إليّ من نبضي،

وجهي إذا ابتسم،

وصوتي إذا نطق بالقصيدة .

إذا سُئلتُ عن المعنى قلتُ: أنت.

وإن بحثوا في رسائلي عن الحب…

دللتهم عليك.

يا حكيم…

يا طهري المأخوذ من ضلع قلبي،

يا ابني،

يا كلّي…

كيف أكتبك الآن رثاءً

وأنا كنتُ أكتبك فرحًا كل صباح؟

تعرف ماذا فعل بي الفقد؟

أسقط اللغة عند قبرك.

تلعثمت الحروف،

وخجلت المفردات،

وانكسر البيان

حين ناديتك… ولم تُجب.

علّمني موتك

أن الأبوة ليست خالدة،

وأن أقسى لحظات العذاب والبؤس

أن تنادي ابنك

ولا يعود الصوت إليك.

يا أجمل من مرّ في دمي،

يا ظلّي إذا اشتدّ وهج الحياة،

و ابتسامتي التي خبأتها من قسوة السنين…

كيف هان على الحياة أن تسرقك؟

كل شيء بلا طعم،

حتى الكتابة…

كانت فرحي ، فصارت زنزانتي.

القصائد قبور،

والقوافي بلا مرسى،

والحنين طريق بلا نهاية.

كيف اتّسعت الأرض لموتك

وضاقت عليّ بحزني؟

أكنتَ خفيفًا كنسمةٍ

فاستَعْجَلَتْك السماء؟

كيف أفهم الغياب

وأنت الحاضر في كل نبضة من نبضات القلب…

ما مضى قبل موتك

هو عمرك العابر ،

لكنه عمري كله.

أناديك كل مساء:

يا حكيم… تعال،

الشاي على النار،

والقصيدة ناقصة.

ولا يأتي أحد.

حين تركتني

مات فيّ شيء لا يُبعث،

وصرتُ أبًا بلا وطن،

وشاعرًا بلا قافية،

وإنسانًا بلا عزاء.

أراك في ملامحي،

في خطواتي،

في صمتي الطويل.

نم بسلام يا عبدالحكيم،

يا من جاء اسمه من المجد

ورحل،

وترك المجد لنا حزنًا مقيمًا.

سامحني…

سامح أبًا لم يعرف كيف يحميك من الموت،

لكنه سيبقيك حيًا

في كل بيت شعر،

وفي كل خفقة قلبٍ،

ما بقي حيًا.

----------------------------------------------