آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-06:34م

ما الذي جاء بك؟!

الإثنين - 22 أبريل 2024 - الساعة 01:50 ص

ماجد الداعري
بقلم: ماجد الداعري
- ارشيف الكاتب


يستحب أن لا تفكر بزيارة الهند وانت لا تعرف لغة او كلمات انجليزية كافية على الأقل لانقاذك من أهم المواقف، او التمثيل بأنك أعجم اصنج، لعلك تسجديهم بلغة الإشارة للالتفاف إليك والتعاطف مع حالتك، لانك حينها قد تجد من يرشدك نحو البوابات الإلكترونية التي منها دخولك برقم باركود صغير جدا على تذكرتك وكرت شحن حقيبتك، ويقودك لبوابة دخولك نحو وجهتك وحتى الوصول نحو الدور الذي فيه البوابة الخاصة بطائرة رحلتك المحلية بين مئات من الأبواب الخاصة بمكاتب طيران محلي وعالمي أخرى أمامك، وانت تبحث على رقم بوابتك وفق ماهو مكتوب بكرت تذكرتك في حال انك سبق وأن سافرت الى دولة أخرى من قبل، لتعرف من أين تدخل اولا وأين تبحث اساسا.. والى أي دور تتحرك بالضبط لتجد بوابة دخولك إلى طائرة وجهتك، مالم تكن متيقظا فطنا بأن كل رقم بوابة يليه أحرف انجليزية هي التي تحدد الأدوار بالمطار وتوقيت الرحلة ونوعيتها محلية او دولية وغيرها من اشارات أخرى لم أفهمها بعد، ولم يستحضرني عقلي حينها لتوثيقها بالصور كي تتعزز المعلومة لدي وغيري ممن لم يسبق لهم ان سافروا او وصلوا إلى مطار مومباي، بعد كل تلك التحديثات الإلكترونية الجديدة التي أدخلت عليه العامين الماضيين.

والمشكلة التي تصدمك بشكل أكبر وتشعرك بأنك أمي جاهل علميا ومتخلف تكنولوجيا
ويمنيا قادم من كهوف التاريخ الغابر، احساسك بأن لسان حال الموظف/ة الهندي/ة وهو يتعامل معك يرمقك بنظرات استغراب عجيبة كأنما تقول أو يقول لك:
ماذا جاء بك أيها العربي الغجري إلى بلادنا التي كنت تعتبرها أو تعتقد أنها دولة فقيرة متخلفة واليوم، ها أنت تقصدها بجهلك بحثا عن العلاج أو التكنولوجيا اوالسياحة وغيرها..
وخاصة اذا ما عرف انك بدون لغة أو محتاج مساعدته لخدمة ما، او تجاوز إجراءات الدخول والشحن والوصول إلى كرسي انتظار رحلة طائرتك المحلية، لأنه حينها قد يحاول أن يعبث بك ويعيش نشوة انتصاره عليك، بشحتة غريبة منه بطلبه بغشيش منك وبالعربي،خاصة اذا ما وجد فرصة للتهرب من كاميرات المراقبة..

وعليه لا تعطه أي اشارة بأميتك اوضعف انجليزتك وحاجتك لمساعدته وانما حاول ان ترطن له كلمات غوغائية ولو من خارج قواميس ومعاجم اللغات، ردا على أي أسئلة عبثية مملة يتعمد الموظفين الهنود بالمطارات والمستشفيات وبوابات الدخول للمؤسسات، مباغتتك بها كعربي خصوصا،عندما يشعر بغربة تجتاحك في بلادهم وخاصة في الأيام الأولى لوجودك بالهند.

ولذلك رد عليه بثقة وابتسامة عريضة وحاول التحدث معه ولو حتى بكلام عربي، لأنها عادة ماتكون أسئلة عبثية منه، لا أهمية لها اساسا، أو تجاهلها وكأنك لم تسمعها، سيما بالنسبة لحراسات تنظيم الدخول للمؤسسات والمستشفيات والمقار الحكومية والحدائق والمتنزهات السياحية وغيرها، لانها عادة ماتكون أسئلة تسولية باسم البحث عن تذاكر ورسوم الدخول الغير مطلوبة اساسا حتى عليك كأجنبي..
وعليه يستحسن أن نطنش وتواصل سيرك وهو لن يلحقك أو ينتظر عودتك، لأنه يفهم مباشرة أنك عرفته وفهمت مايريده ولن تنطلي عليك حركاته التسولية أو تعطه شيئا مما كان يأمل منك.

وعليه.. فان لحظات دخولك وتجاوزك لروتين تعامل جمارك مطار مومباي،تبقى هي الأصعب والاهم بالنسبة لأول زيارة لك إلى الهند،خاصة لو كنت لوحدك وبدون رفيق أو مترجم، نظرا لنشديد الهنود إجراءات الدخول لليمنيين،منذ ما بعد هجمات الحوثيين على السفن التجارية والحربية بباب المندب والبحر الاحمر..
ولأن في مطار مومباي يتم رصد كل الأمور المتعلقة بدخولك للأراضي الهندية وتوثيق بياناتك الشخصية وصورتك التي سيدخلها موظف الجوازات في النظام الرئيسي المتحكم بعدها بكل جوانب اقامتك ووجودك وتنقلاتك بمحتلف المناطق الهندية وتحركاتك ايضا بكل سلاسة بين كل مطارات الولايات الآخرى التي لا تطلب منك اي اجراء اوختم دخول عند وصولها أومغادرتها، باعتبار الأمر متعلق ببيانات فيزتك وصلاحياتها المرتبطة بسجل بياناتك في النظام الرئيسي للدولة منذ وكما تم توثيقها بمطار مومباي، كما سجلت بمطار مومباي عند دخولك.

ولذلك قررت بأن لا أعود الى اليمن إلا بتحرري المطلق من أمية اللغة الإنكليزية، مهما كان الوقت والجهد والثمن المطلوب لذلك
وقبل أي تفكير بمواصلة اي دراسات عليا او البحث عن أي وظيفة، لقناعتي المطلقة الآن بأن من لا يجيد الحديث باللغة الانجليزية، لم يتحرر من أميته العلمية بعد، وليس جدير بتولي أي منصب حكومي أو نيل أي شهادة أكاديمية عليا اطلاقا.

ما الذي جاء بك؟!
#ماجد_الداعري