آخر تحديث :الجمعة-07 نوفمبر 2025-12:55ص
اخبار وتقارير

أسر تبيع أثاثها لشراء الطعام في صنعاء.. دراسة:21 % من العائلات خسرت مقتنياتها مقابل توفير الغذاء

أسر تبيع أثاثها لشراء الطعام في صنعاء.. دراسة:21 % من العائلات خسرت مقتنياتها مقابل توفير الغذاء
الخميس - 06 نوفمبر 2025 - 11:26 م بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - عدن

في أحد الأحياء الشعبية وسط صنعاء، يقف أبو عبد الله أمام متجر صغير لشراء وبيع الأثاث المُستعمَل، يراقب بحزن قطعة من السجاد كان يجلس عليها مع أسرته قبل أسابيع. وبعد لحظات من المساومة، يوافق على بيعها بمبلغ زهيد لا يكفي سوى لتأمين احتياجات بسيطة من الطعام.

وقال أبو عبد الله، وهو اسم رمزي لمعلم في مدرسة حكومية لصحيفة الشرق الأوسط :"ما كنت أتصور أني سأبيع أثاث منزلي قطعة قطعة، لكن الجوع لا يرحم".

تفاقم الأوضاع المعيشية وانقطاع المرتبات منذ سنوات دفعه إلى بيع آخر ما تبقى من مقتنيات منزله لتأمين لقمة العيش.

"آلاف المعلمين يواجهون المصير ذاته في مناطق سيطرة الحوثيين" واضاف المعلم أن وضعه قبل الحرب والانقلاب كان ميسوراً، إذ كان يتقاضى راتباً شهرياً وحوافز تكفي لتلبية متطلبات أسرته، لكنه اليوم يعيش على ما يبيعه من أثاث وأغراض منزلية بعدما فقد مصدر دخله، وتراجع مستوى المعيشة إلى حد غير مسبوق.

في مشهد يعكس عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب مناطق سيطرة الجماعة، رصدت مصادر محلية انتشاراً واسعاً لأسواق بيع وشراء الأثاث المنزلي المُستعمَل في صنعاء ومدن أخرى خاضعة للحوثيين، بينها الحديدة وذمار وإب.

مشاهد عرض الأسر أثاث منازلها في شوارع صنعاء، خصوصاً في أسواق الرباط والحصبة وشعوب وبيت بوس والصافية والسنينة، باتت مألوفة، إذ يعرض المواطنون ثلاجات وغرف نوم وأدوات مطبخ، وحتى الستائر والسجاد، في سبيل الحصول على المال.

وقال خالد، وهو الاسم الأول لتاجر أثاث مستعمَل بحي الرباط في صنعاء: "يأتينا يومياً أناس جدد يبيعون أغراضهم المنزلية من ثلاجات وغسالات وشاشات تلفزيون وأدوات مطبخ. ترى على وجوه بعضهم ملامح الحسرة والقهر، بعد أن دفعتهم الحاجة إلى بيعها".

واضاف أن "حركة البيع هذه لم تعد كما كانت قبل الحرب، حين كان الأثرياء يجددون أثاثهم ويبيعون القديم، بل أصبحت اليوم انعكاساً للفقر المدقع الذي يعيشه الناس". ويقول: "كنا نشتري سابقاً من الأسر الميسورة، أما الآن فنشتري من أسر معدمة تبحث عمّا يسد رمقها".

و يرى اقتصاديون أن هذا التحول يعكس تلاشي الطبقة المتوسطة التي كانت تمثل صمام أمان للمجتمع اليمني، مؤكدين أن بيع الأثاث والمقتنيات الشخصية يمثل مرحلة مؤقتة من الصمود قبل الانزلاق إلى الفقر الكامل والاعتماد على المساعدات الإنسانية، التي باتت هي الأخرى شبه متوقفة؛ بسبب ممارسات الجماعة الحوثية.

ولا تقتصر هذه المعاناة على الرجال، إذ أصبحت النساء أيضاً يبعن مقتنيات منازلهن لتغطية النفقات. تقول انتصار، وهي أرملة تقطن في حي القحيف بمدينة ذمار، إنها اضطرت لبيع دولاب خشبي خاص بالملابس لتتمكَّن من دفع إيجار منزلها المتواضع. وتضيف:"لم يعد لدي شيء ثمين أملكه لأبيعه، فقد بعت كل ما يمكن بيعه لإبقاء أطفالي الأربعة على قيد الحياة".

و أظهرت دراسة حديثة صادرة عن مركز النماء للإعلام الإنساني أن نحو 21.6 في المائة من الأسر اليمنية اضطرت إلى بيع ممتلكاتها الشخصية خلال الشهر الماضي لتأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية، في مؤشر جديد على عمق الأزمة الإنسانية في البلاد.

وبيَّنت الدراسة، التي شملت مختلف المحافظات اليمنية، أن 35.3 في المائة من الأسر لجأت إلى تقليص عدد الوجبات اليومية؛ بسبب نقص المساعدات الغذائية، بينما اعتمدت 23.5 في المائة من الأسر على العمل المؤقت لتأمين الغذاء، ووصلت 4 في المائة من الأسر إلى مرحلة الاستعانة بالغرباء طلباً للمساعدة.

وتعكس هذه المؤشرات - بحسب باحثين اقتصاديين - التدهور المستمر في الوضع المعيشي؛ نتيجة انعدام الدخل وتوقف مرتبات القطاع العام، وغياب فرص العمل في مناطق سيطرة الحوثيين، التي تشهد كذلك ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع والخدمات، وانهياراً في القدرة الشرائية للمواطنين.

وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قد أكد في تقريره الأخير، أن مستويات الأمن الغذائي تدهورت بشكل مقلق خلال الرُّبع الثالث من العام الحالي، مشيراً إلى أن 12 مديرية يمنية - غالبيتها خاضعة للحوثيين - سجَّلت ارتفاعاً حاداً في معدلات انعدام الأمن الغذائي.

وأشار البرنامج إلى أن العائلات باتت تستخدم استراتيجيات قاسية للبقاء على قيد الحياة، من بينها تقليص الوجبات، أو الاستدانة، أو بيع الأصول، محذراً من أن استمرار هذه الأوضاع ينذر بمجاعة واسعة النطاق إذا لم يُستأنف الدعم الإنساني بشكل عاجل.