بعد أشهر من التعتيم والتضارب، أسدلت مليشيا الحوثي الستار على مصير أحد أبرز قادتها العسكريين، معلنةً رسمياً اليوم الخميس، مقتل محمد عبدالكريم الغماري، منتحل صفة رئيس الأركان العامة، في غارة جوية إسرائيلية، دون تحديد زمان ومكان الضربة التي أودت بحياة القائد الذي وصفته تقارير غربية بالعقل المدبر لمعظم العمليات العسكرية للحوثيين.
الإعلان المفاجئ، الذي جاء بعد تداول أنباء عن مقتله في أغسطس الماضي، يطوي صفحة القيادي الذي يُعدّ أعلى سلطة عسكرية في التسلسل القيادي للجماعة، والمصنّف دولياً وإقليمياً كأحد أخطر المطلوبين نظراً لدوره المركزي في توجيه العمليات العدائية.
محمد عبدالكريم الغماري لم يكن مجرد رئيس أركان؛ بل كان القائد التنفيذي الفعلي وصاحب الكلمة الأولى في الشأن العسكري، والذراع العملياتي الأقرب لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
مهندس العمليات، حيث أشرف الغماري بشكل مباشر على تخطيط وتنفيذ الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي استهدفت أهدافاً مدنية وعسكرية داخل اليمن، وكذلك السعودية.
و فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بموجب الأمر التنفيذي 13611، كما أدرجته لجنة عقوبات مجلس الأمن في نوفمبر 2021، نظراً لدوره في زعزعة الاستقرار وانتهاك القانون الإنساني.
كما رصدت المملكة العربية السعودية مكافأة ضخمة بلغت 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه أو تحديد موقعه، إثر دوره في الهجمات الباليستية.
و تشير تقارير وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن الغماري تلقى تدريباً متقدماً في معسكرات يديرها حزب الله اللبناني وفيلق الحرس الثوري الإيراني، ما مكنه من إدارة عمليات شراء ونشر الأسلحة المتطورة.
وكان مسؤولاً بشكل مباشر عن الإشراف على الهجوم الواسع على محافظة مأرب المكتظة بملايين النازحين في 2021، وهي العملية التي وصفها العاملون في المجال الإنساني بـ"نقطة التحول الخطيرة" في الأزمة اليمنية.
و اكتفت المليشيا بالقول إن الغماري قُتل مع مجموعة من مرافقيه ونجله (13 عاماً) في غارات شنها "الاحتلال الإسرائيلي على صنعاء ضمن معركة طوفان الأقصى"، وهو ما يؤكد ارتباط مقتله بالضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع حوثية سابقة، بينما لم تحدد الجماعة بوضوح تاريخ وقوع الغارة.
ويُعدّ إعلان مقتل الغماري، الذي شغل أيضاً منصب رئيس "اللجنة الثورية العليا" سابقاً، من أكبر الضربات التي يتلقاها الصف القيادي العسكري الحوثي منذ بدء التصعيد الأخير في المنطقة. وقد كشفت المليشيا عن تعيين اللواء يوسف حسن إسماعيل المداني خلفاً له، في خطوة لتدارك الفراغ الذي أحدثه غياب "صندوق أسرار" العمليات الحوثية.