كشفت مصادر طبية خاصة عن فضيحة مدوية تهز القطاع الصحي في محافظة تعز، بالاجزاء الواقعة تحت نفوذ الحكومة الشرعية، بعد تأكيدها وجود ممارسات خطيرة تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، يقوم بها ممرضون وممرضات وصيادلة ومخبريون وقابلات ينتحلون صفة أطباء وأخصائيين، في ظل تواطؤ مريب من مكتب الصحة بالمحافظة وفروعه في المديريات.
وقالت المصادر إن هؤلاء المنتحلين يجرون معاينات طبية ويصرفون علاجات ويُجرون عمليات جراحية في مخالفة صارخة للقانون، خاصة في أطراف المدينة والأرياف، حيث تغيب الرقابة الحكومية ويُترك المرضى فريسة للجهل والطمع.
وأضافت المصادر أن ما يجري يمثل تعديًا خطيرًا على صحة وأرواح الناس، مشيرة إلى أن مكتب الصحة على علم بأسماء المتورطين لكنه لم يتخذ أي إجراءات قانونية بحقهم، رغم البلاغات والشكاوى المتكررة، داعية إلى محاسبة المشجعين والمتسترين على هذه الممارسات التي تهدد حياة الآلاف.
صيدليات تتحول إلى مستشفيات مصغرة بلا ترخيص
وفي سياق متصل، حذّرت المصادر من تحول عدد من الصيدليات في تعز إلى مراكز طبية مصغّرة تدار من قبل أشخاص غير مؤهلين، دون تراخيص أو كوادر معتمدة، في ظاهرة مقلقة تكشف حجم الفوضى والانفلات في القطاع الصحي.
ففي الوقت الذي تفرض فيه معظم دول العالم شروطًا صارمة لمنح تراخيص الصيدليات، من حيث الكادر المتخصص والرقابة على صرف الأدوية، فإن الواقع في تعز يبدو مقلوبًا تمامًا، إذ تنتشر الصيدليات في كل شارع وحارة، ويديرها أحيانًا أشخاص لا يحملون حتى شهادة إعدادية.
مأساة أم وطفلها تكشف الكارثة
المواطنة (ك.ع.س) روت حادثة مأساوية لطفلها البالغ من العمر ثلاث سنوات، بعد أن اشترت له من إحدى صيدليات مديرية المظفر حقنة “ديبروفوس” بناءً على توصية من بائع غير صيدلي، ليتدهور وضع الطفل الصحي بشكل خطير، وكاد أن يفقد حياته، قبل أن يتدخل أطباء مستشفى الصفوة لإنقاذه، مؤكدين أن الحقنة مخصصة لمن تجاوز عمره 21 عامًا.
وأضافت الأسرة أن محاولتها لتقديم شكوى قوبلت بالتهديد والصمت، في ظل غياب أي رقابة من الجهات الرسمية.
وتؤكد تقارير طبية أن هذه ليست حالة فردية، بل عشرات الإصابات تم توثيقها مؤخرًا نتيجة صرف أدوية خاطئة من قبل عاملين غير مؤهلين.
استبيان صادم
استبيان غير رسمي شمل عشر صيدليات في مركز المحافظة كشف أن 75% منها تفتقر إلى وجود صيادلة مرخصين، ويعمل بها عمّال يفتقرون لأي تأهيل علمي.
وقال الشاب (ط.ا.ح)، 25 عامًا، أحد العاملين في صيدلية:“نصرف الدواء حسب طلب الزبون وبما يناسب قدرته المادية، حتى للأمراض المزمنة والخطرة… الصيدلية غير مسؤولة عن سوء الاستخدام".
بينما أوضح عامل آخر يُدعى فتحي، 24 عامًا، أنه يعمل منذ عام ونصف في صيدلية بتعز قائلاً: “نلجأ لتوظيف خريجي الثانوية في المساء لتفادي التفتيش… لم يزرنا أي فريق رقابي منذ بدأنا العمل".
أرباح على حساب الأرواح
ويقرّ عدد من ملاك الصيدليات بأن توظيف غير المؤهلين يخفض التكاليف بشكل كبير، إذ يتقاضى العامل غير المختص نحو 50 دولارًا شهريًا فقط، أي سدس راتب صيدلي مرخص، مؤكدين أن زيادة أعداد الصيدليات لم تؤدِ إلى انخفاض الأسعار بل زادت من الفوضى والاعتماد على “تشخيصات الصيدلي بدل الطبيب”.
تحذيرات طبية وغياب رسمي
وأكدت مصادر طبية أن هذه الظاهرة تفاقمت خلال سنوات الحرب، وازدادت خطورتها في ظل الفساد الإداري وضعف الرقابة، مشيرة إلى أن حملات مكتب الصحة “عبثية واستنزافية” لا تحقق أي نتائج فعلية.
وشددت المصادر على أن صحة المواطن ليست مجالًا للتجريب أو التبرير، بل تتطلب رقابة جادة وتطبيق القانون بحزم، داعية السلطات المحلية ووزارة الصحة إلى تحرك عاجل لوقف هذه الكارثة الصحية قبل أن تتحول إلى وباء من الإهمال والاستهتار يفتك بالمجتمع.
ختامًا: ما يجري في تعز ليس مجرد مخالفات مهنية، بل فضيحة صحية كبرى تهدد حياة السكان يوميًا، وتكشف عن فساد إداري عميق داخل مؤسسات يفترض أنها وُجدت لحماية الناس لا لتركهم يموتون ببطء تحت مشرط “طبيب مزيف”.