آخر تحديث :الجمعة-10 أكتوبر 2025-07:46م
اخبار وتقارير

"شراكة الأمن البحري اليمنية" خطوة مهمة في تمكين اليمنيين من استعادة بلادهم من الحوثيين

"شراكة الأمن البحري اليمنية" خطوة مهمة في تمكين اليمنيين من استعادة بلادهم من الحوثيين
الجمعة - 10 أكتوبر 2025 - 04:24 م بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن، العرب اللندنية:

إطلاق “شراكة الأمن البحري اليمنية” يشير إلى تحوّل استراتيجي في مقاربة المجتمع الدولي لأمن البحر الأحمر، إذ تتجه الجهود نحو تمكين القوى اليمنية المحلية – خصوصًا خفر السواحل – من لعب دور محوري في مواجهة التهديدات الحوثية والإيرانية، عبر دعم دولي منظم يجمع بين البعد الأمني والتنمية المستدامة.


نيويورك- خلال كلمته أمام الأمم المتحدة الشهر الماضي، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة الحوثيين، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.


ومن شأن جهد متعدد الأطراف للتصدي لعمليات تهريب الأسلحة الحوثية أن يكون نقطة انطلاق جيدة لهذا المسعى — ولحسن الحظ، فقد تم الإعلان عن مثل هذه المبادرة مؤخرًا، وينبغي على الولايات المتحدة دعمها.


وفي 16 سبتمبر، أطلقت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية “شراكة الأمن البحري اليمنية” بهدف تطوير خفر السواحل اليمني ومساعدته في حماية التجارة البحرية ومكافحة التهريب والقرصنة قبالة السواحل اليمنية.


ينبغي على الولايات المتحدة زيادة دعمها المالي والمادي والعسكري للشراكة التي تقودها السعودية وبريطانيا


وقد حضر المؤتمر التأسيسي للشراكة ممثلون عن 30 دولة وخمس منظمات دولية، من بينها الولايات المتحدة. كما تلقت المبادرة تعهدات مالية أولية بملايين الدولارات، حيث تعهدت المملكة المتحدة والسعودية بتقديم 4 ملايين دولار لكل منهما، إلى جانب مليوني يورو من الاتحاد الأوروبي.


وسبق أن بذلت المملكة المتحدة جهودًا كبيرة لدعم خفر السواحل اليمني، كما ساهمت السعودية والولايات المتحدة والأمم المتحدة ودول أخرى في هذا المجال.


ومع ذلك، يؤكد اللواء خالد القملي، رئيس مصلحة خفر السواحل اليمني، أن القوة لا تزال تفتقر إلى الموارد اللازمة لتنفيذ مهامها بالكامل. ولذلك، ينبغي أن تبني هذه المبادرة الجديدة على الجهود السابقة لتعزيز قدرات اليمن في مكافحة التهريب والقرصنة.


ويرى الباحثان بريدجيت تومي وإريك نافارو في تقرير نشرته مجلة ناشونال أنتريست الأميركية أنه لسد هذا النقص، ينبغي على الولايات المتحدة زيادة دعمها المالي والمادي والعسكري للشراكة التي تقودها بريطانيا والسعودية.


وماليًا، يمكن للولايات المتحدة، بمبالغ صغيرة نسبيًا مقارنة بميزانيتها الدفاعية السنوية، أن تعزز بشكل ملموس قدرات خفر السواحل اليمني. كما أن تزويد القوة بمعدات وأجهزة استشعار متطورة يمكن أن يحقق الأثر نفسه، من خلال توسيع نطاق عملها وتعزيز التنسيق مع قوات التحالف وزيادة فعاليتها ضد قوات الحوثيين.


وأما عسكريًا، فيمكن للولايات المتحدة أن تقدم سلسلة من برامج التعاون الأمني الإقليمي لتطوير مستوى تدريب القوات اليمنية. والأهم من ذلك، يمكنها توسيع تبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي لخفر السواحل، مما يعزز قدرته على تحديد الأهداف وتنفيذ عمليات متواصلة.


وتتماشى مشاركة واشنطن في مبادرة شراكة الأمن البحري اليمنية” مباشرة مع سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرامية إلى تعظيم عائد الاستثمار في السياسة الخارجية من خلال مبادرات منخفضة التكلفة تعتمد على قوات محلية، مع تقليل المخاطر المباشرة على الجنود الأميركيين.


وفي الوقت ذاته، تضيف هذه المبادرة قوة جديدة إلى الجهود الغربية الرامية لضمان حرية الملاحة في ممر مائي حيوي للاقتصاد العالمي. ومن أهم جوانب هذه المبادرة إمكاناتها في تعزيز جهود مكافحة التهريب في البحر الأحمر في لحظة حرجة.


وبعد ما يقارب عامين من الهجمات الحوثية على إسرائيل وعلى السفن التجارية، لا يظهر الحوثيون أي مؤشرات على الإرهاق. فقد صمدوا أمام أكثر من ألف ضربة أميركية واستمروا رغم الضربات الإسرائيلية التي استهدفت بنيتهم التحتية ومخازن أسلحتهم.


ومن شأن تحسين قدرات اعتراض شحنات الأسلحة أن يمكّن الولايات المتحدة وحلفاءها من إعاقة جهود إيران في إعادة تسليح الجماعة وتقليص قدرتها على شن الحرب.


ولتعزيز نطاق وفعالية مكافحة التهريب، يجب أن تدعم الشراكة أكثر من مجرد خفر السواحل اليمني. فـقوات المقاومة الوطنية اليمنية التي تعمل على الساحل الغربي أثبتت كفاءتها في اعتراض شحنات الأسلحة الحوثية، وينبغي أن تُمنح موارد إضافية وفرص تدريب ومشاركة استخباراتية.


وقد أظهرت قدراتها هذا الصيف عندما ضبطت 750 طنًا من الأسلحة كانت في طريقها إلى الجماعة المدعومة من إيران. ومع مزيد من الدعم، يمكنها توسيع نطاق عملياتها ضد الحوثيين.


كما أن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسيطر على ميناء عدن، لعب دورًا مهمًا في اعتراض شحنات أسلحة بعد الغارات الإسرائيلية والأميركية على ميناء الحديدة. فقد تمكنت قواته من ضبط قطع طائرات مسيّرة وأجزاء أسلحة كانت موجهة للحوثيين، بعد أن اضطرت هذه الشحنات إلى تغيير مسارها نحو عدن.


ومن خلال دعم هذه القوات الإضافية، يمكن لمبادرة “شراكة الأمن البحري اليمنية” توسيع نطاق عمليات الاعتراض وتعزيز التنسيق داخل التحالف المناهض للحوثيين. كما ينبغي أن تكون المبادرة المنصة الأساسية للدعم الدولي لخفر السواحل اليمني، لضمان توزيع جميع الأموال والموارد وفق أولويات محددة وشفافة.


وعلى الدول المانحة أن تمارس الرقابة على الإنفاق، ليس فقط لتأمين الموارد ومنع الفساد والهدر، بل أيضًا لتعزيز شرعية الجهود ككل. ويمكن أن يكون لذلك أثر مضاعف في رفع مكانة الحكومة اليمنية دوليًا، وفتح الباب أمام استثمارات أكبر في مستقبلها.


وتمثل “شراكة الأمن البحري اليمنية” خطوة مهمة في تمكين اليمنيين من استعادة بلادهم من الحوثيين.


وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في حماية البحر الأحمر، فعليها دعم هذه المبادرة بالكامل ومساعدتها على تحقيق إمكاناتها القصوى. فاليمن القادر على هزيمة الحوثيين والتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها لردع الطموحات الإيرانية هو هدف يستحق السعي نحوه — لأن في ذلك تعزيزًا للأمن الإقليمي والعالمي على حد سواء.