معركة حضرموت المهرة ليست معركة عسكرية تنتهي بصمت المدافع ، هي معركة سياسية تتشابك فيها المشاريع المحلية مع الرؤى الإقليمية ،دون أن تغادر الصورة القوى الدولية الكبرى.
عملية حسم الموقف عسكرياً تطرح أسئلة ماذا بعد؟
في أحجام القوى العسكرية تبرز حقيقة الكل حاول القفز عليها، وهي أن الإنتقالي ليس قوة وازنة بل وحاسمة في تقرير مشاريع التسوية، ومعالجة تفاصيل وتعقيدات الملف اليمني.
مخرجات حضرموت والمهرة، والمسافة الزمنية القصيرة التي تم طي هاتين القوتين الجبارتين المؤدلجتين ، تثبت أن الإنتقالي ليس مكوناً سياسياً يمكن التلاعب به في دهاليز الصفقات السياسية ، بل وجيش منظم على أعلى درجات الإحترافية والمهنية ، مايجعله الرقم الصعب في مشاورات المسار التفاوضي، أو حتى ترتيب جبهة المواجهة والحسم في معركة اليمن الكبرى أي اجتثاث الحوثي.
إكتملت الجغرافية الجنوبية وآلت تطورات الأمور إلى فرض السيادة عليها من قبل الانتقالي ، ولم يعد إعلان استعادة دولة ماقبل 90 سوى مسألة وقت ،وقرار سياسي يستمزج ردود افعال اللاعبين الإقليميين والدوليين ، ومدى مواءمة فكرة الدولتين مع مشاريع راسمي الخرائط الدوليين.
في مناخ المنطقة المتفجر تحتاج المصالح الدولية إلى وضع مستقر في اليمن ،يحمي النفط وخطوط الملاحة الدولية ، ويوفر شراكة حقيقية في حمل مسؤولية الممرات الملاحية ، القوات الجنوبية بإنضباطيتها العالية هي المؤهلة للقيام بمثل هكذا مهام ،وهذا ماتعمل عليه الدول الراعية لمؤتمر البحر الأحمر كبريطانيا وغيرها.
سابق الخوف من تشظي الجنوب والإنزلاق في حروب إهلية بينية جنوبية جنوبية (على غرار فاشر السودان) ، داخل الحرب الكبرى، قد سقطت واثبتت مواجهات الساعة الأخيرة أن الكيانية الجنوبية وحدة جغرافيا إجتماعية متماسكة، خارج مخاطر الإحتراب الداخلي والمشاريع متناهية الصغر، اي تفجير صدامات مناطقية داخل مشروع استعادة الدولة الجنوبية الواحدة.
هذا البسط العسكري على كامل التراب الجنوبي له توابع سياسية ، لعل ابرزها إن الجنوب هو اللاعب الأكبر في رقعة السياسة المحلية، وهو الكفة التي ترسم مآلات وخواتيم الصراع ، وأن لا إستقرار دون التسليم بجذرية المطالب الجنوبية، التي إرتفع سقفها من الهمهمة إلى الجهر بحل ليس أقل من مستوى من دولة.