كشفت دراسة جديدة أن مياه الشرب المعبأة قد تحتوي على مستويات خطيرة من جزيئات البلاستيك الدقيقة القادرة على اختراق دفاعات الجسم والتراكم في الأعضاء الحيوية؛ ما قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان وأمراض مزمنة أخرى.
وأوضحت الدراسة، التي قادتها خبيرة إدارة البيئة سارة ساجدي من جامعة كونكورديا، أن الأشخاص الذين يشربون المياه المعبأة بانتظام يستهلكون ما يقارب 90 ألف جزيء بلاستيك دقيق إضافي سنويا مقارنة بمن يشربون مياه الصنبور.
وتتكوّن هذه الجزيئات المجهرية، التي قد لا يتجاوز حجمها ميكرونين اثنين، أثناء تصنيع المياه المعبأة وتخزينها ونقلها.
ووصفت ساجدي المخاطر الصحية المرتبطة باستخدام زجاجات البلاستيك أحادية الاستخدام بأنها “خطيرة”، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في السمّية المزمنة وليس في التسمم الحاد.
وقالت: “شرب المياه المعبأة في حالات الطوارئ لا بأس به، لكنه لا يجب أن يكون عادة يومية”، داعية إلى رفع الوعي العام حول المخاطر طويلة الأمد.
وأظهرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Journal of Hazardous Materials، أدلة متزايدة تربط التعرض للبلاستيك الدقيق بحالات الالتهاب المزمن، والإجهاد التأكسدي، واضطراب الهرمونات، والعقم، وتلف الأعصاب، والسرطان.
وتشير أبحاث حديثة إلى أن هذه الجزيئات قد تُحدث تغييرات في ميكروبيوم الأمعاء؛ مما يخلّ بتوازن البكتيريا المفيدة ويسهم في أمراض مثل سرطان القولون والاكتئاب.
كما تم اكتشاف وجود جزيئات البلاستيك الدقيقة في أنسجة الرئة البشرية والمشيمة وحليب الأم وحتى الدم؛ ما يثير القلق بشأن قدرتها على اختراق الجسم بعمق.
ويعتقد العلماء أنها قد تحمل مواد كيميائية ضارة أو تُشكّل أغشية حيوية تتيح للبكتيريا الضارة التكاثر؛ ما يزيد من المخاطر الصحية. ومع ذلك، لا تزال الآثار طويلة المدى غير مفهومة بالكامل بسبب نقص الأبحاث العالمية المعيارية.
ودعت ساجدي إلى تعزيز القوانين الخاصة بالحد من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام، مطالبةً بـ وضع ملصقات إلزامية تُوضح وجود الجزيئات الدقيقة في المنتجات وأثرها الصحي، ومحاسبة الشركات على دورة حياة منتجاتها من الإنتاج حتى التخلص منها.
كما ينصح الخبراء الأفراد بتقليل تعرضهم للبلاستيك عن طريق استبدال الأدوات البلاستيكية بالزجاج والمعادن والمواد الطبيعية. واختتمت ساجدي بالقول إن معالجة تلوث البلاستيك الدقيق ضرورية لضمان “مستقبل أكثر استدامة وأمانا لمصادر مياه الشرب.”