قال العزيز هاني علي سالم البيِض : (حضرموت لم تكن يوما جزءًا من الجنوب العربي..).
تعليقنا:
كلام السيد هاني البيض أتى على خلفية تصاعد الحديث مؤخرا عن مطالب حضرموت بالحكم الذاتي وبأحقيتها بثرواتها وبإدارة نفسها بأبنائها مدنيين وأمنيين، وهي محقة بمطالبها المشروعة وفق تفاهمات محلية واقليمية ضمن تسوية سياسية شاملة يُتفق عليها بشأن القضية الجنوبية والأزمة اليمنية… فالكل كما نعرف مربوطا بعرقوبه للخارج وفاقدا لقراره الوطني،سواء قرار اقامة دولة جنوبية على كل رقعة الجنوب السابقة او بقاء الوحدة اليمنية او حتى اقامة حكم محلي أو حكم ذاتي.
وهاني البيض يتفاعل مع هذه الموجة المتصاعدة في حضرموت جانبه الصواب مثل الكثيرين وهو يخلط بين مصطلح( الجنوب العربي واتحاد الجنوب العربي)ظنا منه أنه إن مسمى الجنوب العربي مصطلح وتعريف سياسي . فثمة اختلاف واضح بين مصطلح الجنوب العربي كجهة جهوية جغرافية لا يستطيع أحد التنصل منها كونها جغرافيا ثابتة، استخدم هذا المصطلح بشكل كبير في فترة الاستعمار( ونتذكر الزعيم طيّب الذكر جمال عبدالناصر وهو يخاطب الاستعمار البريطلني قائلا: … على بريطانيا ان تحمل عصاها وترحل عن الجنوب العربي) وما زال المصطلح كهجة جغرافية كما هو تضم مساحة واسعة، ينكمش ويتمدد في فترات تاريخية متعددة شمل ذات يوم عمان واليمن الشمالي من ضمن هذه الجهة الجغرافية حضرموت شأنه شأن مصطلح المغرب العربي أو الخليج العربي، وبين مصطلح( اتحاد الجنوب العربي ) ككيان إداري سياسي ضم السلطات والمشيخات والإمارات من بعض سلطنات وإمارات شبوة وكل سلطنات ابين تقريبا وسلطنات لحج وانضمت اليه لاحقا مستعمرة عدن، دون انضمام السلطنات "المحميات"الشرقية في حضرموت والمهرة وسقطرى برغبة بريطانية استعمارية خبيثة لفصل الجغرافيا نصفين وهو أسلوب تمزيقي اتبعته بريطانيا مع الجنوب بل ومع كل الدول التي استعمرتها، وكان يشار لهذا الكيان ب (اتحاد الجنوب العربي والمحميات الشرقية) انشأته بريطانيا بغية قطع الطريق أمام تصاعد الثورة التحريرية وطمعا باحتواء الجميع، ولكن سرعان ما انهار غداة الاستقلال، ولم يحمل ذات يوم صفة دولية ابدا.
وبالتالي حضرموت وإن لم تكن ضمن اتحاد الجنوب العربي إلا أنها كانت وستظل -جغرافيا على الأقل -ضمن المسمى الجهوي" الجنوب العربي". ..فبوسعنا تغيير الحاضر والتحكم بالمستقبل،و لكن كيف لنا تغيير الماضي سياسيا وجغرافيا ؟ فالتاريخ كما يقال هو "جغرافيا ثابتة".
وعلى كل حال وأياً كانت المسميات السياسية القديمة والمسميات الاستعمارية وما تلاها من تسميات جمهورية في الجنوب بعد الاستقلال يظل حق تقرير مصير مكفولا لكل كيان ( وبالمناسبة لا يعني مصطلح تقرير المصير بالضرورة الانفصال عن البقية فهو مصطلح حماّل أوجه)، نقول ان كل جغرافيا بما فيها بالطبع حضرموت لها الحق بعد التفاهم مع الآخرين داخليا واقليميا في البحث عن تقرير مصيرها وحكم نفسها وفق تسوية شاملة متفق عليها وامتلاك طاقاتها ومواردها ، فحضرموت عانت الكثير والكثير ولا تزال، ومن حقها كذلك استعادة حقوقها بالحكم و بالثروات ، مع ضرورة الإشارة إلى حقيقة مهمة وهي أن هناك موارد محلية لتنمية كل محافظة ،وموارد سيادية تورد للمركز ، اياً كان هذا المركز، وهذا تقليد موجود في كل دول العالم بما فيها الدول المتقدمة والثرية منذ عقود طويلة…فالاقتصاد 'أي اقتصاد - يظل كتلة مترابطة يكمل بعضها بعض بين كل الوحدات الادارية بالقُطر الواحد، وحتى بين الدول.