آخر تحديث :الجمعة-05 سبتمبر 2025-10:03ص
عربي ودولي

محكمة الضمير العالمي: كيف أصدر 102 من حكماء العالم حكمهم على نظام الملالي ورسموا معالم الحل

محكمة الضمير العالمي: كيف أصدر 102 من حكماء العالم حكمهم على نظام الملالي ورسموا معالم الحل
الجمعة - 05 سبتمبر 2025 - 10:03 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن

عندما يتحدث 102 من الحائزين على جائزة نوبل - نخبة العقول والضمائر في العالم - بصوت واحد، فإن ما يصدر عنهم لا يكون مجرد رسالة، بل هو حكم تاريخي. إن البيان المشترك الذي وجهه هذا العدد الكبير من حكماء العالم إلى الأمم المتحدة ليس مجرد إدانة سياسية، بل هو أشبه بقرار صادر عن أعلى محكمة للضمير الإنساني. إنه الحكم النهائي الذي يعلن الإفلاس الأخلاقي والسياسي الكامل لنظام الملالي، وفي نفس الوقت، يصدر شهادة ميلاد واعتماد دولية لبديل ديمقراطي ومنظم. هذه ليست مجرد مناورة دبلوماسية، بل هي لحظة فارقة في تاريخ النضال الإيراني، لحظة يتم فيها تجريد النظام من آخر أوراق التوت التي كان يتستر بها، وتقديم البديل للعالم ليس كخيار محتمل، بل كضرورة تاريخية.


تشخيص دقيق للمرض: نظام يحتضر استراتيجياً

إن قوة هذه الرسالة لا تكمن فقط في مصدرها، بل في دقة تشخيصها. فالحائزون على جائزة نوبل لم يكتفوا بإدانة الأعراض - مثل الإعدامات والقمع - بل قاموا بتشريح المرض الأساسي. لقد أدركوا أن استراتيجية بقاء النظام، القائمة على "دعم الجماعات الوكيلة وفرض الهيمنة في المنطقة"، قد وصلت إلى طريق مسدود. إن إشارتهم الواضحة إلى أن "انهيار نفوذ حزب الله والسقوط السريع للديكتاتورية السورية قد أضعف بشكل كبير نفوذ طهران الإقليمي" هي بمثابة إعلان وفاة لهذه الاستراتيجية. إنهم يقولون للعالم إن النظام الذي كان يستمد قوته من تصدير الأزمات، أصبح اليوم محاصراً بهزائمه في الخارج.

ويتزامن هذا الضعف الخارجي مع حقيقة واضحة في الداخل، حقيقة أدركها هؤلاء الحكماء بدقة: "خلال انتفاضة عام 2022، رفض الشعب الإيراني بوضوح كلاً من الديكتاتورية الشاه والحكم الملالي، وطالب بجمهورية ديمقراطية". هذا التشخيص يقطع الطريق على كل المحاولات لتصوير الصراع على أنه مجرد خلاف داخلي أو حنين إلى الماضي. إنه يؤكد أن إرادة الشعب الإيراني تتجه نحو المستقبل، نحو نظام ديمقراطي يرفض كل أشكال الاستبداد.


وصفة العلاج: احتضان البديل الديمقراطي

لكن محكمة الضمير العالمي لم تكتفِ بالتشخيص، بل قدمت وصفة العلاج بوضوح وشجاعة. لقد أعلن الموقعون دعمهم الصريح للمقاومة الإيرانية المنظمة، والأهم من ذلك، تبنيهم لخطة السيدة مريم رجوي ذات العشر نقاط باعتبارها "خارطة طريق مناسبة" للمستقبل. هذا ليس مجرد دعم سياسي، بل هو اعتماد أكاديمي وأخلاقي لبرنامج عمل. إنهم يقولون للعالم إن البديل للنظام الحالي ليس الفوضى أو المجهول، بل هو مشروع سياسي متكامل، مدروس، ويحظى بإجماع دولي متزايد.

والدليل على هذا الإجماع هو الأرقام التي تذكرها الرسالة: أكثر من 4000 برلماني، و130 رئيساً سابقاً، وعشرات من الحائزين على جائزة نوبل سبقوهم، كلهم توحدوا حول هذه الرؤية. إن هذا الزخم العالمي يحول البديل الديمقراطي من مجرد "معارضة" إلى "حكومة في المنفى" تحظى بشرعية دولية واسعة.

في هذا السياق، لم تعد مظاهرة السادس من سبتمبر في بروكسل مجرد احتجاج، بل أصبحت هي المنصة التي سيتم فيها الإعلان الرسمي عن هذا الحكم التاريخي. إنها اليوم الذي ستلتقي فيه شرعية الضمير العالمي، التي يمثلها هؤلاء الحائزون على جائزة نوبل، مع شرعية الإرادة الشعبية، التي يمثلها عشرات الآلاف من الإيرانيين الذين سيحتشدون في قلب أوروبا.

إن هذه المظاهرة هي التي ستحول الكلمات المكتوبة في الرسالة إلى قوة سياسية حية على الأرض. إنها ستقول للأمم المتحدة وللعالم: لقد أصدر حكماؤكم حكمهم، وها هو الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة يجتمعون لتنفيذ هذا الحكم. إنها دعوة للعمل، دعوة للتوقف عن سياسات الاسترضاء الفاشلة، والبدء في دعم المسار الوحيد الذي يمكن أن يحقق السلام والاستقرار: مسار التغيير الديمقراطي في إيران.