عاش اليمنيون، على امتداد سنوات الحرب، تحت وطأة فقر ممنهج أنتجته سياسات الجباية التي فرضتها الميليشيا الحوثية بعد أن صادرت مرتبات الموظفين وأثقلت الأسواق بالضرائب غير القانونية. لقد تحولت لقمة العيش، التي كان ينبغي أن تكون أبسط حقوق الإنسان، إلى رهينة بيد سلطة جعلت من النهب اقتصاداً موازياً ومن الاستغلال قاعدة للبقاء. وهكذا غدا اليمني محاصراً بين جوع يتعمق كل يوم، وبين سلطة لا ترى فيه إلا مصدراً للجباية.
هذا الواقع في اعتقادي لم يقتصر على الاقتصاد وحده، بل أصاب معنى الوظيفة العامة في الصميم. فالمؤسسات التي وُجدت أصلاً لخدمة المواطن تحولت إلى أدوات ابتزاز، والموظف الذي كان يوماً يرفد دورة الاقتصاد الوطني أضحى عاجزاً عن شراء الخبز لأطفاله. وفي مقابل هذه المأساة، تُنفق الأموال المنهوبة في مظاهر احتفالية صاخبة، تُطلق فيها الألعاب النارية باسم المولد، فيما يموت الأطفال بصمت نتيجة سوء التغذية. هنا تكمن المفارقة أو تتبدى لي على هذا النحو الصادم: احتفال في السماء يوازيه موت على الأرض، في مشهد يختصر جوهر التناقض بين السلطة والمجتمع.
في الواقع إنّ اختزال الدين في شعارات تُرفع لتبرير الاستغلال لا يعني في تصوري سوى تقويض رسالته الأصلية التي قامت على العدل والرحمة. فالمولد في خطاب الحوثية لم يعد مناسبة روحية، بل تحوّل إلى صفقة سياسية: جبايات إجبارية، استعراض بالقوة، وتزييف لوعي جماعي يُسخّر لخدمة مشروع طائفي سلالي بغيض يتجاوز حدود اليمن. وهنا تتجلى المفارقة الفلسفية العميقة على نحو صادم ومحبط في آن: أن يُستدعى اسم النبي ليُبرَّر به تجويع الناس، فيتحول الرمز الأخلاقي إلى أداة في يد من ينتهكون جوهر ما مثّله من عدالة وإنسانية.
#الحوثه_لصوص_المولد
#اليمن 🇾🇪