يتصاعد الجدل في الشارع اليمني حول سياسات جماعة الحوثيين في إدارة شؤون الدولة، خصوصًا في ملف المرتبات الذي تحوّل من استحقاق قانوني إلى وسيلة للتمييز وإعادة إنتاج الفوارق الطبقية والعنصرية بين المواطنين. وفي خطوة وُصفت بأنها الأكثر قسوة منذ اندلاع الحرب، ابتكرت سلطات الحوثيين في صنعاء تقسيمًا جديدًا للموظفين إلى ثلاث فئات، على نحو اعتبره ناشطون ومراقبون تهديدًا خطيرًا للوحدة الوطنية وشرخًا اجتماعيًا غير مسبوق.
الناشط في صفوف الجماعة، طه الرزامي، خرج عن صمته لينتقد بجرأة هذا النهج، مؤكدًا أن ما قامت به حكومة الحوثيين من تقسيم للموظفين إلى "فئات أ، ب، ج" لم يشهد اليمن له مثيل في تاريخه، لا في عنصريته ولا في آثاره التدميرية على النسيج الاجتماعي. وقال في منشور على "فيسبوك" بعنوان: الموظفون بين الفئات أ، ب، ج… تقسيم لم يشهد له اليمن مثيلاً:
"ما قامت به الحكومة من تقسيم موظفي الدولة إلى ثلاث فئات، فتح باباً واسعاً للشعور بالظلم والتمييز بين أبناء الوطن الواحد، وهو تمييز جائر لا يمكن القبول به".
وبحسب الرزامي، فإن الفئات جاءت على النحو التالي:
الفئة (أ): تضم الوزراء والنواب والمحافظين والوكلاء، ويتقاضون مرتبات شهرية كاملة، مع اعتمادات ونفقات وتسويات أوضاع.
الفئة (ب): موظفون قيل إنهم يستلمون نصف مرتب شهري، لكن كثيرًا منهم يعانون من التأخير والتلاعب، ونصف الراتب لا يغطي حتى إيجار غرفة تسكنها أسرة.
الفئة (ج): آلاف الموظفين المحرومين، لا يصرف لهم إلا نصف راتب كل ثلاثة أشهر، وهو ما وصفه الرزامي بأنه "ظلم مضاعف وبداية لتقسيم عنصري لم يعرفه اليمن من قبل".
وأضاف الناشط الحوثي: "كيف يُجزّأ الموظفون بين 'مستفيد مكتمل' و'محروم'، بينما الجميع شركاء في خدمة الدولة والمجتمع؟ الشعب يئن من الجوع والحرمان، والموظف يعيش تحت خط الفقر، ومن غير المعقول أن يتحول راتبه – وهو حقه – إلى سلعة تخضع للتقسيم والتمييز".
ويرى مراقبون أن هذا النظام الجديد في توزيع المرتبات يرسّخ مبدأ الامتيازات الطبقية داخل مؤسسات الدولة، حيث يتمتع كبار المسؤولين وقيادات الجماعة بالامتيازات المالية الكاملة، بينما يُترك صغار الموظفين لمصير الفقر والعوز. كما اعتبروا أن الخطوة تمثل تكريسًا لسياسة "المواطن من الدرجة الأولى والثانية والثالثة"، بما يعكس فلسفة الجماعة القائمة على الهيمنة والتمييز، ويعمّق فجوة الثقة بين المواطنين وسلطات الأمر الواقع.
ويؤكد ناشطون أن هذا الوضع يفتح الباب أمام موجة سخط شعبي جديدة ضد الجماعة، خصوصًا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية، في وقت تواصل فيه الجماعة جباية الأموال عبر الضرائب والزكاة والمجهود الحربي، دون أي التزام بتسليم الرواتب بشكل عادل.