تواصل جماعة الحوثي توسيع حملتها القمعية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث شهدت محافظة تعز (جنوب غرب اليمن) موجة اعتقالات جديدة طالت شخصيات سياسية واجتماعية وتربوية، بينما تم اختطاف طفلين من أبناء معلم معتقل في محافظة ذمار، في تصعيد يُعتقد أنه مرتبط بمنع أي احتفالات بذكرى "ثورة 26 سبتمبر" وتكريس السيطرة الأمنية.
وفقًا لمصادر محلية وأمنية، قامت المليشيات الحوثية باعتقال العشرات من أهالي مديريتي خدير وماوية في تعز خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بتهم متنوعة بين "التخابر مع الحكومة الشرعية" أو "مخالفة المقررات الدراسية" التي فرضتها الجماعة.
في مديرية خدير، استهدفت الحملة معلمين رفضوا تدريس المناهج المعدلة من قبل الحوثيين، والتي تحتوي على مضامين طائفية، كما طالت عمالًا وباعة متجولين وسائقي نقل اتُهموا بالتنقل بين مناطق الحكومة والمعارضة.
في مديرية ماوية، اعتقلت الجماعة أكثر من 10 شخصيات تربوية واجتماعية، واحتجزتهم في "مدينة الصالح السكنية" – التي حوّلتها إلى معتقل سري – دون تهم واضحة.
كشفت المصادر أن الحوثيين يفرضون على المعتقلين وأسرهم شروطًا قاسية، منها إجبار العائلات على الصمت وعدم الإبلاغ عن الاعتقالات عبر وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي، مقابل تسهيل إطلاق سراح المعتقلين، والابتزاز المالي، حيث يُمنع إدخال الطعام أو الأدوية إلى السجون إلا بعد دفع رشاوى لمسؤولي المليشيات، وإجبار المعتقلين على توقيع تعهدات بعدم التنقل خارج مناطق سيطرة الحوثيين أو الإبلاغ عن تحركات الجيش اليمني.
تُرجح مصادر حقوقية أن هذه الحملات تأتي في إطار قمع أي تحركات شعبية مرتبطة بذكرى ثورة 26 سبتمبر (التي تحتفل بها مناطق الحكومة الشرعية)، وترهيب المعلمين لفرض المناهج الحوثية، بعد رفض واسع من التربويين لتلقين الطلاب أفكار الجماعة، واستغلال المناسبات الدينية مثل المولد النبوي، حيث تشن المليشيات حملات جباية مالية تحت غطاء "التبرعات"، بينما تحظر أي فعاليات منافسة.
وفي تطور منفصل لكنه متصل بسياق القمع، اختطفت الجماعة الحوثية يوم السبت الماضي الطفلين سياف (16 عامًا) وعلي (15 عامًا)، ابني المعلم محمد حسين ناجي، الذي كان قد اعتُقل قبل أسبوعين في مديرية جهران بمحافظة ذمار.
وفقًا لـ"شبكة اليمنية لحقوق الإنسان"، تم اقتياد الطفلين إلى سجن أمن جهران حيث يُحتجز والدهم، بهدف إجبارهما على "نفي" الانتهاكات التي تعرضت لها عائلتهم، بما في ذلك حصار المنزل وتهديد الأهل بالقتل.
المنظمة الحقوقية "مساواة" أدانت الاختطاف، مشيرة إلى أن هذه الأساليب تُستخدم لتركيع الأسر وإسكاتها.
ووصفت منظمات حقوقية الاعتقالات والاختطافات بأنها "جرائم حرب"، مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين للإفراج عن المدنيين.
أشار ناشطون إلى أن الحملة الحالية تُشبه عمليات القمع التي سبقت المناسبات الوطنية في الأعوام الماضية، حيث تُغلق المليشيات المجال العام وتعتقل أي صوت معارض.
تشهد المحافظات الخاضعة للحوثيين، خاصة تعز وإب وذمار وصنعاء، تصاعدًا في ملاحقة أعضاء حزب "المؤتمر الشعبي العام"، واستهداف موظفي المنظمات الدولية وعمال الإغاثة بتهمة "التجسس"، وفرض مناهج تعليمية متطرفة واعتقال المدرسين الرافضين لها.