في الوقت الذي تتسع فيه دائرة الفقر والبطالة، وتُغلق أبواب الأمل أمام الشباب اليمني في مناطق سيطرة الحوثيين، تواصل سلطة الأمر الواقع في صنعاء شنّ حملات تضييق ممنهجة ضد المشاريع الصغيرة، التي باتت تمثّل المتنفس الوحيد لعشرات الأسر في مواجهة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
الناشط الاجتماعي طارق المساوى حذر في منشور لافت من خطورة التوجهات التي وصفها بـ"القمعية" تجاه أصحاب المشاريع الصغيرة في العاصمة، مشيرًا إلى أن هذه السياسات تساهم بشكل مباشر في طرد الاستثمار، وتجفيف ما تبقى من مصادر دخل للفئات الشابة والفقيرة.
وقال المساوى إن عشرات المطاعم والمشاريع الشبابية في شارع المطاعم جنوب صنعاء أُغلقت خلال الفترة الأخيرة بفعل قرارات تعسفية وتشديدات أمنية صارمة، تذرعت بذرائع اجتماعية وأخلاقية مثل "الاختلاط"، ما تسبب في طرد الزبائن وإغلاق المحلات التجارية التي كافح أصحابها لتأسيسها وسط واقع اقتصادي خانق.
تصريح المساوى على فيسبوك: "فرضت السلطة قيودًا متطرفة على الجلوس والتجمعات لدرجة أن الحراسة الأمنية باتت تطرد الزبائن من أمام المحلات، وتضاعفت الشروط التعجيزية للحصول على التراخيص، مع تراكم الإيجارات وتراجع الإقبال بسبب التضييق. النتيجة: إغلاق مطاعم، وخسارة مستثمرين صغار لا يملكون ظهرًا يحميهم".
وأكد أن هذه الممارسات لا تمسّ فقط معيشة الأفراد، بل تضرب الاستقرار المجتمعي، وتغلق باب الأمل أمام فئة الشباب التي لجأت إلى العمل الحر والمبادرات الفردية لتعويض غياب الدولة وقطع المرتبات وتردي الخدمات.
وأنهى المساوى منشوره بتساؤل مؤلم يعكس حجم السخط الشعبي: "الناس تبحث عن لقمة العيش، في حين أن قرارات السلطات باتت تطاردهم حتى في أرزاقهم. من أين تفكرون؟"
تصريحات المساوى أعادت تسليط الضوء على ما يصفه ناشطون بـ"النهج المتطرف" الذي تتبعه سلطات الحوثيين، سواء من حيث فرض الجبايات المرهقة أو التضييق الأمني على الحياة العامة، وهو ما دفع عددًا متزايدًا من المستثمرين إلى مغادرة البلاد، وتسبب في انسداد الأفق الاقتصادي أمام المئات من الشباب الباحثين عن فرص حقيقية للعيش.
في المقابل، تواصل الجماعة الحوثية فرض سطوتها على الفضاء العام والتجاري، دون اكتراث بالانهيار الاقتصادي أو المأساة الإنسانية المتفاقمة، لتبقى المشاريع الصغيرة ضحية مباشرة لسلطة لا تملك بدائل، لكنها تُمعن في محاربة ما تبقى من محاولات للبقاء.