آخر تحديث :السبت-13 ديسمبر 2025-01:11ص

اليمنيون بين حلم الدولة الضائعة وفوضى الجماعة والحزب

السبت - 13 ديسمبر 2025 - الساعة 01:00 ص

مانع سليمان
بقلم: مانع سليمان
- ارشيف الكاتب


لن يختلف اثنان بأن مليشيات بني هاشم التي أسقطت الدولة والجمهورية في صنعاء والمحافظات التي احتلتها قد تمكنت خلال العشر السنوات التي مضت من بناء شكلا للدولة الهاشمية ، نعم فبالرغم من الحرب التي طال أمدها لأسباب ليس المقام لذكرها الا أن مليشيات بني هاشم قد تمكنت من ربط المحافظات التي تسيطر عليها بقيادة واحدة ممثلة لدولة السلالة وأقامت نظاما يظهر المليشيات بمظهر الدولة .


في المقابل من أوكل الشعب اليهم قيادة مواجهة المليشيات الهاشمية في صنعاء وتحرير اليمن من احتلالها لم يبنوا مؤسسات حقيقية يمكن بناء دولة عليها ، بل عمل حزب الاصلاح المتحكم بالشرعية منذ عشر سنوات ومن عام ٢٠١٥م الى يومنا هذا على بناء كيانات خاصة بالحزب بديلة عن مؤسسات الدولة وهذا ما جعل القوى المواجهة للمشروع الخوذي الهاشمي مفككة وكل قوة تبني نفسها بعيدا عن الدولة ومؤسسات الدولة .


الاصلاح طوال العشر سنوات عزز من سلطات مندوب الحزب واختزل الشرعية والدولة على مندوبي تنظيم الحزب وتقوقع على المنضبطين من أعضاء الحزب ومارس اقصاء ممنهج لكل من ليس من الحزب بل مارس اقصاءات ممنهجة لكل من ليس منضبطا بالتنظيم من أعضاء الحزب نفسه وقد كان لذلك دورا بارزا في عدم بناء مؤسسات حقيقية للدولة بل حول الاصلاح مسمى الدولة والشرعية الى غطاء لبناء التنظيم الذي تحول مع الوقت الى عصابة لا يضبطها نظام ولا تحكمها قانون .


فمثلا موارد الدولة في ظل التحكم المطلق للاصلاح خلال العشر السنوات الماضية لا تذهب لمؤسسات الدولة المالية حسب المتعارف عليه ، وانما تذهب للحزب عبر المندوبين الماليين الذين وضعهم في كل مفاصل البلد المالية والادارية ، وبدلا من ذهاب الموارد الى بنوك الدولة ذهبت الى البنوك والصرافات التابعة للحزب .


كذلك الوظيفة العامة والمناصب الادارية والقيادية في الدولة لم تعد خاضعة للنظام الوظيفي والقيادي للدولة المتعارف عليها قانونا وادارة وانما أصبحت خاضعة لتوصيات المندوبين وتزكيات النافذين في الحزب حتى المناصب في الداخلية والجيش والرتب العسكرية والأمنية والمنح التعليمية ودورات التأهيل في كل القطاعات الأمنية والعسكرية والمدنية طوال العشر السنوات الماضية .


كل ذلك أنتج هوة كبيرة بين الاصلاح والشعب المناهض لمليشيات الامامة والكهنوت وجعل اليمنيين الذين ليسوا في الاصلاح يؤسسون عن تكوينات أخرى تستوعبهم لأن الواقع يقول : بأن استيعابهم في مؤسسات الشرعية مستحيلا ، كونها مؤسسات حزبية بحتة ، فالشرعية تعني الاصلاح وحسب ، لذلك تشكلت خلال هذه السنوات كيانات عدة ( الانتقالي - المقاومة الوطنية _ العمالقة - درع الوطن ) وقد حرص الاصلاح في بداية تشكل هذه الكيانات أن يصورها بأنها كيانات خارجة عن الدولة التي يتحكم بها بينما في حقيقة الامر كانت كيانات شكلتها ضرورة المعركة التي لم يخضها الاصلاح بجدية وصدق وضرورة ايجاد قالب للدولة يستوعب الشعب بكل تشكلاته بعد استحالة استيعابه في شرعية يتحكم بكل تفاصيلها مندوب الحزب ، كان الاصلاح يحاول احتكار صفة الدولة من خلال سيطرته على قرارها ويحتكر مسألة الوحدة من خلال بقاء سيطرته على حضرموت والمهرة ، وقد كان كل ذلك للمزايدة وحسب .


اليوم وبعد سيطرة الانتقالي على محافظة حضرموت والمهرة ، خرج الاصلاح من خلال أدواته الاعلامية متحدثا عن الوحدة التي لم تكن بالنسبة له الا ورقة لتبرير سيطرة التنظيم على محافظات النفط ، يتحدث عن الوحدة التي لم يتمثلها مع قبيلة عبيدة ومراد وجهم ولم يتمثلها مع أحرار حزبه حتى ، ويظهر التباكي على الدولة اليمنية التي يصور للمتابع بأنها ستنتهي بسبب سيطرة الانتقالي على حضرموت والمهرة ، وكل ذلك مزايدة من قبل الحزب فقط حيث وأنه ومنذ ٢٠١٥م الى اليوم لم يكن هناك دولة يمنية ولا وحدة لليمنيين وكلما كان موجود هي دولة الاصلاح للاصلاح ووحدة تنظيم الاصلاح لتنظيم الاصلاح أما اليمنيين فلم يكن لديهم دولة ولا وحدة طوال تلك السنوات .


والسبب في كل ذلك : هو أن الاصلاح قرر أن لا يسمح ببناء أي دولة لليمنيين ما لم تكن خاضعة لسلطة وقرار المكتبة ، وقرر أن يجعل اليمنيين يغرق اليمنيين في فوضى عارمة لا تحكمها دولة ولا يضبطها قانون كي يقبلوا بتسليم الأمر للحزب ، ويتم تأطير كل الشعب في تنظيم الحزب ، بل ويعتبر من أخطر ما قام به خلال العشر السنوات الماضية أنه شكل عصابات لاشعال الفوضى في البلد في كل المجالات ، من أجل تدمير أي شكل من اشكال الدولة التي يمكن أن يجتمع اليمنيون حولها ويستظلون بظلها .


اليوم يسعى الانتقالي لفرض واقع دولة في الجنوب هذه الدولة لن تكون كما يصور اعلام حزب الاصلاح وانما ستكون دولة حاضنة لكل اليمنيين يقودها أبناء المحافظات الجنوبية الذين لا يخضعون للفوضى التي يتحكم بها الحزب وتوجيهاته التنظيمية ، تكون هذه الدولة حاضنة لقوى تحرير شمال اليمن من مليشيات الامامة والكهنوت الهاشمي .


وبالنسبة الي فإني لا أرى في تشكل دولة لها مؤسساتها في الجنوب أي خطر على معركتنا مع مليشيات الامامة والكهنوت وانما سيكون تشكلها في صالح اليمنيين الذين يرغبون في تحرير شمال اليمن من مليشيات بني هاشم وحالت الفوضى التي خلقها الاصلاح لحسابات خاصة بالحزب بينهم وبين ذلك هواشم الاصلاح وسياسته التي عبثت بالمعركة ومقدراتها ووجهت صراعات الحرب وفقا لما يصب في صالح الامامة والكهنوت المسيطر على صنعاء لأكثر من عشر سنوات .