شهدت سوق الصرف في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، خلال الـ48 ساعة الماضية، تراجعًا ملحوظًا في أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، في ما وصفه الخبير الاقتصادي البروفيسور علي أحمد السقاف بأنه "انهيار نسبي" مدفوع بجملة من الإجراءات التنظيمية والرقابية المفاجئة من قبل البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
وقال السقاف، في منشور تحليلي عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، إن الدولار الأمريكي تراجع إلى أقل من 2000، بينما انخفض سعر صرف الريال السعودي إلى أقل 500 ريالًا، بنسبة انخفاض بلغت نحو 40 %، ما أثار حالة من "الدهشة والريبة لدى عامة الناس" إزاء هذه التحولات السريعة.
وأرجع السقاف هذا الانخفاض السريع إلى عودة البنك المركزي لممارسة وظائفه كـ"بنك البنوك"، وقيامه بإعادة تطبيق سياسة "التعويم الجزئي" بدلاً من "التعويم الكلي" الذي كان سائداً، إلى جانب اتخاذه حزمة إجراءات رقابية منها إغلاق عدد من شركات ومحلات الصرافة المخالفة، وتحديد هامش سعري لصرف الدولار والريال السعودي، ما عزز من قدرة البنك على التأثير في السوق.
كما أشار السقاف إلى أن إعلان السعودية عن تقديم وديعة مالية بقيمة 500 مليون دولار (300 مليون من برنامج التنمية السعودي و200 مليون من صندوق النقد العربي) عزز السيولة النقدية الأجنبية، وأسهم في تحسن قيمة الريال، لافتًا إلى أن هذا التطور "يمكّن البنك المركزي من ممارسة أدواته في السياسة النقدية بصورة أكثر فعالية".
ورغم هذا التحسن الملموس، دعا الخبير الاقتصادي إلى عدم الإفراط في التفاؤل، مشددًا على ضرورة الانتظار فترة لا تقل عن شهر لتقييم ما إذا كانت هذه الإجراءات ستُحدث تحولًا مستدامًا في استقرار سوق الصرف.
وفيما يتعلق بتأثير تحسن سعر الصرف على أسعار السلع، قال السقاف: "يُفترض أن تنخفض الأسعار بنسبة لا تقل عن 30% من تاريخه"، مذكرًا بأن رئيس الوزراء قد وجه وزارة الصناعة والتجارة لتكثيف الرقابة الميدانية وضبط المخالفين، مؤكدًا في الوقت نفسه أن بعض التجار بادروا بالفعل بتخفيض الأسعار، بما في ذلك انخفاض سعر البترول المستورد من 38,000 إلى 31,000 ريال.
وشدد السقاف على أن ضبط سوق الصرف لا ينبغي أن يُبنى فقط على الإجراءات الرقابية، بل يتطلب تدخلًا في صلب هيكل الاقتصاد اليمني، داعيًا إلى تفعيل أدوات الاقتصاد الكلي بما يشمل: استئناف تصدير النفط والغاز كمصدر رئيسي للعملات الأجنبية. تنظيم تحويلات المغتربين لتصب في البنوك الحكومية. وقف صرف المرتبات بالعملات الأجنبية وتوحيدها بالريال اليمني. ترشيد الإنفاق الحكومي، خاصة على البعثات الخارجية. مضاعفة رواتب موظفي القطاع العام. مواجهة الاقتصاد غير الرسمي (الأسود) الذي يُقدر أنه يمثل 60% من النشاط الاقتصادي في البلاد.
واختتم السقاف تحليله بالتشديد على أن "الدولة بحاجة لأن تضع يدها فعليًا على اقتصاد البلد، لا أن تتركه رهينة لقوى السوق غير الرسمية، التي كانت خلال السنوات الماضية تتحكم بسعر الصرف دون رقابة حقيقية".