كشفت دراسة علمية حديثة عن أن الاعتقاد السائد بأن قلة النشاط البدني هي السبب الرئيسي لزيادة الوزن قد يكون خاطئًا.
وتوصلت الدراسة التي أجراها فريق بحثي دولي ضم أكثر من 80 عالمًا ونشرت في مجلة PNAS، إلى أن النظام الغذائي وخاصة استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة هو العامل الحاسم في انتشار السمنة وليس انخفاض معدل الحركة كما كان يعتقد سابقًا.
واستخدم الباحثون تقنية متطورة تعتمد على الماء المزدوج التسمية لقياس معدلات الأيض بدقة لدى أكثر من 4200 شخص من 34 دولة، تتراوح أنماط حياتهم بين العمال المكتبيين في المدن الحديثة والصيادين وجامعي الثمار في المجتمعات التقليدية.
وكانت المفاجأة الكبرى عندما اكتشفوا أن معدلات حرق الطاقة متشابهة بشكل ملحوظ بين جميع هذه الفئات، رغم الفروق الهائلة في مستويات نشاطهم البدني اليومي.
ويؤكد البروفيسور هيرمان بونتزر، الباحث الرئيسي في الدراسة، أن هذه النتائج لا تقلل من أهمية التمارين الرياضية للصحة العامة، لكنها توجه الأنظار إلى ضرورة التركيز على تحسين جودة الغذاء كحل جذري لمشكلة السمنة.
ويضيف: "لقد أخطأنا في إلقاء اللوم على قلة الحركة، بينما الحقيقة أن ما نضعه في أفواهنا يوميًا هو ما يحدد أوزاننا في المقام الأول".
ويدعم هذا الرأي خبراء التغذية حول العالم، حيث يوضح البروفيسور داريوش مظفريان، طبيب القلب ومدير معهد "الغذاء هو الطب" في جامعة تافتس أن "التغيرات في أنظمتنا الغذائية وليس في مستويات نشاطنا هي المحرك الأساسي لأزمة السمنة الحالية".
بينما يشير البروفيسور باري بوبكين من جامعة نورث كارولينا إلى أن هذه الدراسة "توفر دليلًا قويًا يؤكد ما توصلت إليه الأبحاث السابقة حول الدور المركزي للنظام الغذائي في مشكلة زيادة الوزن".
وهذه الاكتشافات تمثل تحولًا جوهريًا في استراتيجيات مكافحة السمنة، حيث تشير إلى ضرورة إعادة توجيه سياسات الصحة العامة للتركيز على تحسين جودة الغذاء وتقليل استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة، بدلًا من الاقتصار على التوصيات العامة بزيادة النشاط البدني.
ومع ذلك، يبقى الحفاظ على نمط حياة نشط مهمًا للوقاية من الأمراض المزمنة وتعزيز الصحة العامة، حتى لو كان تأثيره المباشر على التحكم في الوزن أقل مما كان يعتقد سابقًا.