شكا سكان في العاصمة عدن من اشتراط عدد متزايد من مُلاك العقارات تسلُّم الإيجارات الشهرية بـالريال السعودي بدلاً من العملة المحلية، ما فاقم معاناة آلاف الأسر وأدى إلى ارتفاع فعلي في تكلفة السكن، في وقت تُصارع فيه البلاد واحدة من أسوأ موجات التضخم وانهيار القدرة الشرائية.
وأكد مستأجرون أن بعض المُلّاك باتوا يرفضون تمامًا التعامل بالريال اليمني، مشترطين دفع الإيجارات بالعملة السعودية أو ما يعادلها بسعر السوق السوداء، وهو ما يجعل قيمة الإيجار ترتفع تلقائيًا كل شهر مع تراجع قيمة الريال، ويضع المستأجرين في مواجهة مستمرة مع العجز المالي والعجز الحكومي.
ويأتي هذا التوجه وسط انهيار تاريخي للعملة المحلية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي في مناطق الشرعية حاجز 2700 ريال يمني، فيما بلغ الريال السعودي أكثر من 700 ريال، دون أي مؤشرات على تدخل حكومي فاعل للسيطرة على السوق أو حماية المستأجرين من جشع المُلّاك.
وبالتوازي، يعيش موظفو الدولة حالة من الشلل المالي، مع تأخر الرواتب وعدم كفايتها لتغطية أبسط احتياجات الأسر لأكثر من أسبوع، في حين تتصاعد أسعار السلع والخدمات بشكل جنوني، وتتقلص فرص النجاة أمام الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي باتت تعتمد بشكل متزايد على الحوالات الخارجية كحل مؤقت للبقاء.
ويحذر خبراء اقتصاد من أن استمرار السماح للمُلّاك بتسعير الإيجارات بعملات أجنبية دون رقابة، يُهدد بخلق موجة نزوح داخلي جديدة في مدينة تعاني أصلاً من تردي الخدمات الأساسية وغياب شبه تام لأجهزة الدولة، وينذر بتحول السكن إلى أزمة إنسانية خانقة، ستدفع ثمنها الأسر محدودة الدخل، والشرائح الأكثر هشاشة.
ويطالب مواطنون ومؤسسات مجتمع مدني بسرعة تدخل السلطات المحلية والبنك المركزي لإيقاف هذا الانفلات، ووضع آليات واضحة لضبط سوق العقارات، وربط التسعير بالعملة الوطنية، بما يحمي المواطنين من الغلاء الفاحش والانزلاق نحو دوامة جديدة من الفقر والتشرد.