في رسالة صاخبة تحدّت مشروع الهيمنة الطائفية لمليشيا الحوثي، شهدت منطقة ريدة بمحافظة عمران، يوم الأحد الفائت، احتشاداً قبلياً هائلاً لإحياء مناسبة "يوم النشور"، بمشاركة آلاف من أبناء قبائل بكيل، يتقدمهم رجال غولة عجيب وعيال سريح، في فعالية خالية تماماً من الشعارات الحوثية، شكلت انتفاضة ثقافية جماهيرية في وجه "ولاية الفقيه".
الفعالية القبلية، التي تزامنت مع وداع عيد الأضحى وعودة الحجاج، تحولت إلى مهرجان حاشد للهوية اليمنية الأصيلة، تخللته الزوامل الشعبية، ورقصات البرع، وطلقات النار الاحتفالية، في مشهد يُعيد الاعتبار لتقاليد متجذّرة منذ أكثر من 170 عاماً، رفضاً لمحاولات الحوثيين تحويل المجتمع إلى كيان طائفي تابع لطهران.
وقال الناشط الإعلامي إبراهيم عسقين في تعليقه على الحدث:"قبائل محافظة عمران وجهت صفعة مدوية للحوثيين بإحيائها ليوم النشور خالٍ من شعارات الجماعة، وهو ما اعتُبر فعلاً قبلياً مقاوماً أوجع الحوثيين في الصميم، خاصة وأنه جاء غداة ما يسمونه يوم الغدير".
هذا الحدث القبلي اللافت، يأتي في ظل محاولات مستميتة من قيادات حوثية – أبرزها "أبو علي الحاكم" – لتذويب هذا اليوم في فعاليات "الولاية" ذات الطابع المذهبي، إلا أن القبائل، وعلى رأسها عيال سريح، رفضت تلك المساعي مراراً، مجددين تمسكهم بالهوية القبلية اليمنية.
ورغم منع المليشيا في السنوات الماضية إطلاق النار أثناء المناسبة، إلا أن القبائل تحدّت التوجيهات الحوثية، وأحيت المناسبة بكثافة نارية غير مسبوقة، كرسالة مفتوحة بأن الهوية اليمنية ليست للبيع ولا للمصادرة.
وتؤكد روايات مشايخ القبائل أن "يوم النشور" ليس فقط فعالية اجتماعية، بل ساحة مقاومة ثقافية مفتوحة ضد المشروع الطائفي الحوثي، ومظلة لتصفية الخلافات وتعزيز التماسك القبلي.
ويقول ناشطون إن الحشود التي خرجت هذا العام تمثل استفتاءً شعبيًا ضد المشروع الحوثي، وتجسيداً لصراع هويات تتصاعد نيرانه كلما حاولت المليشيا طمس الموروث اليمني العريق لصالح أفكار دخيلة لا تمتّ للتاريخ القبلي أو الوطني بأي صلة.
"يوم النشور" في عمران تحوّل من مناسبة اجتماعية إلى جبهة مواجهة ثقافية صلبة… تقاوم التطويع وتتمسك بالانتماء اليمني الخالص، في وجه آلة التشييع والتزييف الحوثية.