تتفاقم حدة الصراع بين أجنحة مليشيا الحوثي داخل العاصمة المحتلة صنعاء، بعد تفجّر فضيحة مدوية تتعلق بكسر قرار المقاطعة عبر السماح بعرض إعلانات ترويجية لمنتج "حليب نيدو"، ما كشف حجم التناحر الداخلي وتبادل الاتهامات بين قيادات الصف الأول للجماعة.
وفي أحدث جولة من المعركة الخفية، اتهم حمود عباد، المعيَّن من الحوثيين كأمين للعاصمة، الوزير الحوثي معين المحاقري، المسؤول عن ملف الاقتصاد والاستثمار، بالتورط المباشر في تمرير الإعلانات، مقدمًا وثائق رسمية إلى مهدي المشاط تؤكد إصدار المحاقري أوامر بعدم اعتراض حملات الترويج للمنتج الذي تُقاطع علامته تجاريًا من قبل الجماعة.
الفضيحة التي تحولت إلى قضية رأي عام، فجّرت سخطًا واسعًا في الشارع اليمني، وفضحت هشاشة شعارات الحوثيين بشأن الاستقلال الاقتصادي، بعدما ظهر أن قرار المقاطعة لم يكن أكثر من ورقة للاستهلاك الإعلامي، في حين يتم تجاوزها خلف الكواليس بموجب الولاءات والمصالح.
ولم يتأخر رد المحاقري، الذي شن هجومًا مضادًا واتهم نجل حمود عباد – المكلّف بملف الإعلانات – بالتواطؤ وتمرير الحملة الدعائية، في حين أكدت مصادر مطلعة أن جناح صعدة بقيادة المشاط وأحمد حامد يسعى لاستغلال القضية للإطاحة بكلا الطرفين، ضمن حملة تطهير منهجية تستهدف القيادات غير المنتمية لمحافظة صعدة.
وبحسب مصادر وثيقة الاطلاع، فإن ما يُعرف بـ"جناح الصقور" داخل الجماعة، كثّف تحركاته لإقصاء عباد والمحاقري وغيرهما من بقايا نظام صنعاء السابق، مع تزايد الهيمنة المطلقة للقيادات القادمة من معقل الجماعة في صعدة، ضمن خطة طويلة الأمد للانفراد بالسلطة ومفاصل القرار داخل ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى".
وفيما تستمر التحقيقات الشكلية في قضية "نيدو"، يكتفي القياديون الحوثيون بتبادل الاتهامات دون محاسبة فعلية، وسط تساؤلات شعبية ساخطة حول ازدواجية الخطاب الحوثي الذي يهاجم الخارج ويُبرم الصفقات في الداخل، على حساب الشعارات والدماء التي دفعها اليمنيون منذ اندلاع الحرب.